الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
إليك أخي القارئ هذه الفائدة التي أفادنا بها العلامة السعدي رحمه الله ، و هي بحق فائدة عظيمة ترد على جميع أهل البدع أمثال شمس الدين بوروبي الذي يقول أنه لا يوجد أنواع للتوحيد و أنه تحدى أي أحد أن يأتيه بدليل يبين فيه هذه الأقسام و لهذه نرد عليه بآية واحدة من كتاب الله عزوجل اجتمعت فيها جميع أقسام التوحيد وهي الآية (65) من سورة مريم و حتى لا نطيل نتركك أخي القارئ مع هذه الفائدة.
الآية التي فيها أنواع التوحيد الثلاثة :
قال الله تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ).[مريم : 65]
التحليل :
قال العلامة السعدي :
قوله تعالى : ( رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ) :
فربوبيته للسماوات والأرض، وكونهما على أحسن نظام وأكمله، ليس فيه غفلة ولا إهمال، ولا سدى، ولا باطل، برهان قاطع على علمه الشامل، فلا تشغل نفسك بذلك، بل اشغلها بما ينفعك ويعود عليك طائله، وهو: عبادته وحده لا شريك له،
و قوله : (وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ) :
أي: اصبر نفسك عليها وجاهدها، وقم عليها أتم القيام وأكملها بحسب قدرتك، وفي الاشتغال بعبادة الله تسلية للعابد عن جميع التعلقات والمشتهيات، كما قال تعالى: (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ )[طه: 131]إلى أن قال: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا )[ طه : 132].
و قوله تعالى : ( هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) :
أي: هل تعلم لله مساميا ومشابها ومماثلا من المخلوقين. وهذا استفهام بمعنى النفي، المعلوم بالعقل. أي: لا تعلم له مساميا ولا مشابها، لأنه الرب، وغيره مربوب، الخالق، وغيره مخلوق، الغني من جميع الوجوه، وغيره فقير بالذات من كل وجه، الكامل الذي له الكمال المطلق من جميع الوجوه، وغيره ناقص ليس فيه من الكمال إلا ما أعطاه الله تعالى، فهذا برهان قاطع على أن الله هو المستحق لإفراده بالعبودية، وأن عبادته حق، وعبادة ما سواه باطل، فلهذا أمر بعبادته وحده، والاصطبار لها، وعلل ذلك بكماله وانفراده بالعظمة والأسماء الحسنى.[1]
فوائد من الآية :
و من هنا يمكن أن نبسط ما بينه العلامة السعدي رحمه الله فيما يلي :
قوله تعالى : (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ) : اشتمل على توحيد الربوبية.
و قوله : (وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ) : اشتمل على توحيد الألوهية .
و قوله عزوجل : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا ) : اشتمل على توحيد الأسماء والصفات.
أقول : و هذه الاية كما لاحظنا تكفي في الرد على شمس الدين المخبول فنسأل الله أن يفضحه في عقر داره و أن يقصم ظهره و ظهر جميع أهل البدع ومن يدعمهم و نسأله تبارك و تعالى أن يصحح نياتنا إنه وحده القادر على ذلك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين وسلّم تسليما.
بلال
الجزائري
قسنطينة/ الجزائر
[1] : من تفسير العلامة السعدي رحمه الله تعالى(ص:498) طبعة مؤسسة الرسالة.
هناك كتيب مختصر ومفيد للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد اسمه(المختصر المفيد في بيان دلائل اقسام التوحيد)
http://www.al-badr.net/web/download/...uallafat1.html