ترجمة موجزة للعلامة محمد الطاهر ابن عاشور التونسي – رحمه الله –شيخ جامع الزيتونة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين ،
دعا "الحبيبُ بورقيبة" الرئيسُ التونسي السابق العمّالَ إلى الفطر في رمضان بدعوى زيادة الإنتاج، وطلب من الشيخ الطاهر أن يفتي في الإذاعة بما يوافق هذا، لكن الشيخ صرح في الإذاعة بما يريده الله تعالى، بعد أن قرأ آية الصيام، وقال بعدها:"صدق الله وكذب بورقيبة"، وكان ذلك عام 1961م.
نعم ... هو العالم التونسي الجليل صاحب العلم ورائد الشجاعة ، فدعونا نتعرف على سيرة هذه الشخصية الاسلامية الفذة من خلال هذا النقل ، لعلّها تنفعنا في زمن غابت فيه القدوة
الطاهر بن عاشور
ولد محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور، الشهير بالطاهر بن عاشور، بتونس في (1296هـ = 1879م) في أسرة علمية عريقة تمتد أصولها إلى بلاد الأندلس. وقد استقرت هذه الأسرة في تونس بعد حملات التنصير ومحاكم التفتيش التي تعرض لها مسلمو الأندلس وقد اهدت هذه الأسرة للعالم الإسلامي علمين هما "الطاهر بن عاشور" وابنه الفاضل "بن عاشور" الذي مات في حياة والده رحمهما الله.
أتم الطاهر القرآن الكريم، وتعلم اللغة الفرنسية، والتحق بجامع الزيتونة سنة (1310هـ = 1892م) وهو في الـرابعة عشر من عمره، فأظهر نبوغًا منقطع النظير.
تخرج الطاهر من الزيتونة عام (1317هـ = 1896م)، والتحق بسلك التدريس في هذا الجامع العريق، ولم تمض إلاّ سنوات قليلة حتى عين مدرسًا من الطبقة الأولى بعد اجتياز اختبارها سنة (1324هـ = 1903م).
وكان الطاهر قد اختير للتدريس في المدرسة الصادقية سنة (1321هـ = 1900م)، وكان لهذه التجربة المبكرة في التدريس بين الزيتونة ـ ذات المنهج التقليدي ـ والصادقية ـ ذات التعليم العصري المتطور ـ أثرها في حياته، إذ فتحت وعيه على ضرورة ردم الهوة بين تيارين فكريين ما زالا في طور التكوين، ويقبلان أن يكونا خطوط انقسام ثقافي وفكري في المجتمع التونسي، وهما: تيار الأصالة الممثل في الزيتونة، وتيار المعاصرة الممثل في الصادقية، ودوّن آراءه هذه في كتابه النفيس (أليس الصبح بقريب؟) من خلال الرؤية الحضارية التاريخية الشاملة التي تدرك التحولات العميقة التي يمر بها المجتمع الإسلامي والعالمي.
وقد توطدت العلاقة بينه وبين رشيد رضا، وكتب "ابن عاشور" في مجلة المنار.
عين "الطاهر بن عاشور" نائبا أول لدى النظارة العلمية بجامع الزيتونة سنة (1325 هـ = 1907م)؛ فبدأ في تطبيق رؤيته الإصلاحية العلمية والتربوية، وأدخل بعض الإصلاحات على الناحية التعليمية، وحرر لائحة في إصلاح التعليم وعرضها على الحكومة فنفذت بعض ما فيها، وسعى إلى إحياء بعض العلوم العربية؛ فأكثر من دروس الصرف في مراحل التعليم وكذلك دروس أدب اللغة، ودرس بنفسه شرح ديوان الحماسة لأبي تمام.
ورأى أنّ تغيير نظام الحياة في أي من أنحاء العالم يتطلب تبدل الأفكار والقيم العقلية، ويستدعي تغيير أساليب التعليم. وقد سعى الطاهر إلى إيجاد تعليم ابتدائي إسلامي في المدن الكبيرة في تونس على غرار ما يفعل الأزهر في مصر، ولكنه قوبل بعراقيل كبيرة.
أمّا سبب الخلل والفساد اللذين أصابا التعليم الإسلامي فترجع في نظره إلى فساد المعلم، وفساد التآليف، وفساد النظام العام؛ وأعطى أولوية لإصلاح العلوم والتآليف.
اختير ابن عاشور في لجنة إصلاح التعليم الأولى بالزيتونة في (صفر 1328 هـ = 1910م)، وكذلك في لجنة الإصلاح الثانية (1342 هـ = 1924م)، ثم اختير شيخا لجامع الزيتونة في (1351 هـ = 1932م)، كما كان شيخ الإسلام المالكي؛ فكان أول شيوخ الزيتونة الذين جمعوا بين هذين المنصبين، ولكنه لم يلبث أن استقال من المشيخة بعد سنة ونصف بسبب العراقيل التي وضعت أمام خططه لإصلاح الزيتونة، وبسبب اصطدامه ببعض الشيوخ عندما عزم على إصلاح التعليم في الزيتونة.
أعيد تعينه شيخا لجامع الزيتونة سنة (1364 هـ = 1945م)، وفي هذه المرة أدخل إصلاحات كبيرة في نظام التعليم الزيتوني؛ فارتفع عدد الطلاب الزيتونيين، وزادت عدد المعاهد التعليمية.
وحرص على أن يصطبغ التعليم الزيتوني بالصبغة الشرعية والعربية، حيث يدرس الطالب الزيتوني الكتب التي تنمي الملكات العلمية وتمكنه من الغوص في المعاني؛ لذلك دعا إلى التقليل من الإلقاء والتلقين، وإلى الإكثار من التطبيق؛ لتنمية ملكة الفهم.
ولدى استقلال تونس أسندت إليه رئاسة الجامعة الزيتونية سنة (1374 هـ = 1956م).
التحرير والتنوير..
كان "الطاهر بن عاشور" عالما مصلحا مجددا، لا يستطيع الباحث في شخصيته وعلمه أن يقف على جانب واحد فقط، إلاّ أنّ القضية الجامعة في حياته وعلمه ومؤلفاته هي التجديد والإصلاح من خلال الإسلام وليس بعيدا عنه، ومن ثم جاءت آراؤه وكتاباته ثورة على التقليد والجمود وثورة على التسيب والضياع الفكري والحضاري.
وكان لتفاعل "الطاهر بن عاشور" الإيجابي مع القرآن الكريم أثره البالغ في عقل الشيخ الذي اتسعت آفاقه فأدرك مقاصد الكتاب الحكيم وألم بأهدافه وأغراضه، مما كان سببا في فهمه لمقاصد الشريعة الإسلامية التي وضع فيها أهم كتبه بعد التحرير والتنوير وهو كتاب (مقاصد الشريعة).
مقاصد الشريعة..
كان "الطاهر بن عاشور" فقيها مجددا، يرفض ما يردده بعض أدعياء الفقه من أنّ باب الاجتهاد قد أغلق في أعقاب القرن الخامس الهجري، ولا سبيل لفتحه مرة ثانية، وكان يرى أنّ ارتهان المسلمين لهذه النظرة الجامدة المقلدة سيصيبهم بالتكاسل وسيعطل إعمال العقل لإيجاد الحلول لقضاياهم التي تجد في حياتهم.
وإذا كان علم أصول الفقه هو المنهج الضابط لعملية الاجتهاد في فهم نصوص القرآن الكريم واستنباط الأحكام منه فإنّ الاختلال في هذا العلم هو السبب في تخلي العلماء عن الاجتهاد. ورأى أنّ هذا الاختلال يرجع إلى توسيع العلم بإدخال ما لا يحتاج إليه المجتهد، وأنّ قواعد الأصول دونت بعد أن دون الفقه، لذلك كان هناك بعض التعارض بين القواعد والفروع في الفقه، كذلك الغفلة عن مقاصد الشريعة؛ إذ لم يدون منها إلاّ القليل، وكان الأولى أن تكون الأصل الأول للأصول لأنّ بها يرتفع خلاف كبير.
ويعتبر كتاب (مقاصد الشريعة) من أفضل ما كتب في هذا الفن وضوحا في الفكر ودقة في التعبير وسلامة في المنهج واستقصاء للموضوع.
محنة التجنيس..
لم يكن "الطاهر بن عاشور" بعيدا عن سهام الاستعمار والحاقدين عليه والمخالفين لمنهجه الإصلاحي التجديدي، فتعرض الشيخ لمحنة قاسية استمرت 3 عقود عرفت بمحنة التجنيس، وملخصها أنّ الاستعمار الفرنسي أصدر قانونا في (شوال 1328 هـ = 1910م) عرف بقانون التجنيس، يتيح لمن يرغب من التونسيين التجنس بالجنسية الفرنسية؛ فتصدى الوطنيون التونسيون لهذا القانون ومنعوا المتجنسين من الدفن في المقابر الإسلامية؛ ممّا أربك الفرنسيين فلجأت السلطات الفرنسية إلى الحيلة لاستصدار فتوى تضمن للمتجنسين التوبة من خلال صيغة سؤال عامة لا تتعلق بالحالة التونسية توجه إلى المجلس الشرعي.
وكان الطاهر يتولى في ذلك الوقت سنة (1352 هـ = 1933م) رئاسة المجلس الشرعي لعلماء المالكية فأفتى المجلس صراحة بأنّه يتعين على المتجنس عند حضوره لدى القاضي أن ينطق بالشهادتين ويتخلى في نفس الوقت عن جنسيته التي اعتنقها، لكن الاستعمار حجب هذه الفتوى، وبدأت حملة لتلويث سمعة هذا العالم الجليل، وتكررت هذه الحملة الآثمة عدة مرات على الشيخ، وهو صابر محتسب.
صدق الله وكذب بورقيبة..
ومن المواقف المشهورة للطاهر بن عاشور رفضه القاطع استصدار فتوى تبيح الفطر في رمضان، وكان ذلك عام (1381 هـ = 1961م) عندما دعا "الحبيبُ بورقيبة" الرئيسُ التونسي السابق العمالَ إلى الفطر في رمضان بدعوى زيادة الإنتاج، وطلب من الشيخ أن يفتي في الإذاعة بما يوافق هذا، لكن الشيخ صرح في الإذاعة بما يريده الله تعالى، بعد أن قرأ آية الصيام، وقال بعدها: "صدق الله وكذب بورقيبة"، فخمد هذا التطاول المقيت وهذه الدعوة الباطلة بفضل مقولة ابن عاشور.
وفاته..
وقد توفي "الطاهر بن عاشور" في (13 رجب 1393 هـ = 12 أغسطس 1973م) بعد حياة حافلة بالعلم والإصلاح والتجديد على مستوى تونس والعالم الإسلامي.
-منقول عن موقع طريق الاسلام -
فنسأل الله تعالى ان يرحم هذا العالم الجليل برحمته وان يجزيه على ما قدمه لخدمة الاسلام والمسلمين خيرا ، فبامثال هؤلاء العلماء الاجلاء ترتفع الامة وتزدهر وبفقدهم تسير في متاهات الظلام .
[ مقتطف من شرح كتاب موجز البلاغة ]
للشيخ العلامة اللغوي عبد الرحمن كوني
-حفظه الله -
قوله هذا موجز علم البلاغة للشيخ الأستاذ الإمام محمد الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة في وقته ببلد تونس من بلاد المسلمين .
نبدأ الكلام على ابن عاشور ونُعَرِفُ به قليلا فقط حتى نَعرِفَ صاحب الكتاب الذي سنشرع في شرحه .
فهذا الشيخ اسمه محمد الطاهر بن عاشور ، وكان يوصف ويُلَقَّبُ : الشيخ الأستاذ الإمام ، ومثل هذه الألقاب يدل على مكانته يقصدون بمثل هذه الألقاب المكانة في العلم ، وهو في الحقيقة كان عالما غِطرِيفاً ، أي كان عالما واسعاً في العلم ، وهذا على طِرَازِ المتقدمين من العلماء ؛ لأن قضية العلم في الحقيقة في المسلمين تحولت إلى أحوال كثيرة ، فكان طلبة العلم قديما ليسوا بكثيرين ، قديما هكذا ليسوا بكثيرين .
أقول : هذا لو رجعنا إلى القرون المفضلة مثلا الإمام مالك رحمه الله كان في المدينة ، لو نظرنا إلى نسبة طلبة العلم في وقت مالك لوجدنا النسبة قليلة جدا بالنسبة إلى عدد طلبة العلم في وقتنا الحاضر في المدينة النبوية ، وبناء على هذا كله من أمر الله يفعل ما يشاء ، فكان طلبة العلم قديما يطلبون العلم للعلم ، فكانوا لا يَستَعجِلُونَ لأنه ليس أمامهم شيء آخر ، ولذلك كانوا يحترفون حرفا لِيَتَعَيَّشُوا به وتكون همتهم فقط أن يجدوا العلوم ، وكنتَ تجد مثلا المحدث يقال قديما : كان أبو حنيفة بَزَازاً أي يَبِيعُ البَزَّ ، لكن يمارس هذه الحِرفَةَ ولا يشغل نفسه بها إشغالاً تاما إنما هو شُغلٌ يدوي خفيف حتى يستطيع أن يَتَرَزَّقَ أو أن يجد ما يَقتَاتَ به منه من هذا العمل الخفيف وهكذا .
فكانت همتهم العلم للعلم لا غير ، واقرؤوا التاريخ واتركوا كلامي ، ارجعوا إلى التاريخ فسينبئكم بما كان هنالك .
فقصدي أن هؤلاء العلماء في ذلك الزمان تَجِدُهُم يُتقِنُونَ العلم وإذا أرادوا أن يجمعوه أو يجمعون العلوم فتجدهم يجمعون جمعا ؛ ومن ذلك أن من أوائل نقدة الحديث بالمدينة النبوية شعبة بن الحجاج ، هذا كان من نقدة الحديث بالمدينة ، فكانوا يجمعون العلوم لجمعهم العلوم ، كان في حلقته في يوم من الأيام بالمسجد النبوي فإذا بأحد علماء اللغة وهو الإمام أبو زيد الأنصاري صاحب النوادر في اللغة من شيوخ سيبويه ، فإذا بهذا الإمام أبي زيد الأنصاري واقفا في آخر الحلقة فحانت التفاتة من شعبة وهو كان يلقي الحديث يملي الحديث للطلبة ، حانت منه التفاتة إلى أبي زيد الأنصاري رفع بصره وهكذا وقعت عينه عليه في الأخير فقال : تعال يا أبا زيد . هكذا كان دأبهم وأدبهم رحمهم الله .
فقال : تعال يا أبا زيد ، فاقتربَ منه أبو زيد ودخل في الحلقة إلى جنبه ، فلما وصل إلى جَنبه ترك إملاء الحديث وشرع معه في اللغة يتباحثان ، فإذا به لما قَرُبَ منه أبو زيد فإذا به يفاتح أبا زيد قائلا :
استَعجَمَت دَارُ مَيٍ مَا تَكَلَمنَا والدَار لَو كَلَمَتنَا ذَاتُ أَخبَار
هكذا فاتح هذا المحدث ذلك اللغوي وهذا دليل على أنهم كانوا يجمعون العلوم جمعا ، وهذا هو القصد .
فإذا ببعض الطلبة يقولون : كيف هذا تترك الحديث إلى هذا إلى هذه الأشعار وإلى هذا الكلام .
فقال لهم : أنا أعرف نفسي شيئا فشيئا شيئا بعد شيء ، فالحديث هذا معروف عندي لكن نروح عن أنفسنا بفن آخر من قبيل الإِحمَاضِ كما يقول العلماء ، وهذا لا يكون إلا للمُتَمَكنينَ الجامعين للعلوم على قانون السلف ، هذا الذي نعرف في التعريف وهو واقع فارجعوا إليه .
فهكذا ، فأفاضوا في العربية وهم في المسجد النبوي ، وهذا ليس بغريب عليهم رحمهم لله .
فمحمد بن الطاهر بن عاشور - أريد أن أقول - هذا وإن كان متأخرا فإنه في الحقيقة كان من الجامعين للعلوم ، والجمع للعلوم على درجات على كل حال افهموا هذا ، فتجد بعضهم يجمع العلم جمعاً يندر مثل هذا الجمع لو نظرتَ إلى غيره من العلماء ، الجمع النادر للعلوم هذا قد يكون ، ومن هؤلاء النوادر شيخ الإسلام ابن تيمية ؛ جمع العلوم مما يَقِلُّ أمثاله فهو حقا كما ذكرنا في الصباح أو بعد الظهر هذا كان نادرة المتأخرين وبعده ، ولذلك الدليل على هذا الندور ما ذكره صاحب القاموس الفيروزآبادي في رسالة له صغيرة سماها : تحفة الأديب في من نُسب إلى غير أبيه ، والفيروزآبادي صاحب القاموس بعيد عن ابن تيمية ، فذكر في هذاالكتاب لما ترجم لابن تيمية في هذا الكتاب ، وكان موضوع هذا الكتاب عنده أن يذكر اسم بعض الناس سواء كانوا من العلماء أو غيرهم من الحكام والسلاطين في من مضوا ، كان يذكر أسمائهم هكذا : إذا كان اسمه ابن وقد أضيف إلى غير أبيه كما حصل لابن تيمية اشتهر بابن تيمية ، وابن مضاف إلى تيمية ، وتيمية ليس اسما لأبيه بل اسم لبعض جداته البعيدات ، وإلا فاسمه أحمد بن عبد الحليم لكن اشتهر بابن تيمية فذكر فقال : ابن تيمية ثم ذكر كيف حصلت هذه الإضافة ثم قال -محل الشاهد - : وهو العَلَمُ المشهور الذي لم يُدرِك شَأوه أحد من المتأخرين في العلم والحفظ . هذا نص الفيروزآبادي لابن تيمية وهذا ما نقصد من أنه كان من النوادر في الجَمع ، وهكذا لو تتبعت تاريخ المسلمين في بلادهم قد تجد بعض النوادر هكذا وإن كانت درجة النُدرَة تتفاوت .
فعلى هذا محمد الطاهر بن عاشور من الجامعين على كل حال ، لكن ما درجة الجمع هذه مسألة أخرى نتركها ، كيف هو في الجمع هذه مسألة أخرى ، لكن جمع فكان من الجامعين .
وكان في تونس لعله أواخر العلماء الذين كانوا في هذا الجامع الذي كانوا يسمونه جامع الزيتونة ، من الأواخر ما ظهر أحد بعده في العلم مثل ظهوره .
فهو ألف كتبا منها هذا الكتاب ، وأكبر كتبه : تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجليل من تفسير الكتاب المجيد في ثلاثين جزءا ، إلا أن هذا الكتاب له ميزة : ميزته في العربية أولا ثم في الفقه ثم في الأصول ثم في البلاغة ، ففيه ميزات في هذا الكتاب ميزات ، ولذلك هو يقول في مقدمته في مقدمة التحرير هذا يقول : وفيه أحسن ما في التفاسير وفيه أحسن مما في التفاسير ، هذه في المقدمة ارجعوا إليه .
لكن هذا الذي يقول إنه فيه أحسن ما في التفاسير وفيه أحسن مما في التفاسير هذا يظهر كثيرا في العلوم العربية ، هناك علوم أخرى وفنون أخرى تعرض لها في هذا الكتاب لكن معالجته للمسائل العربية تظهر أكثر ، وإلا فقد تعرض للإشارة إلى أصول علوم الأشياء الكونية هذه ، يشير إشارة إلى أصولها في بعض الآيات فيقول : هذه الآية فيها إشارة إلى هذا العلم الفلاني ، إشارة ليس بنص هكذا لأن القرآن ما جاء لهذا الكونيات هذه لا يفيد القرآن في هذا لكن قد تجد فيه إشارة كما قال ، إذن فينظر إلى صحة قوله في هذا وعدم ذلك ، فهذا من ميزة هذا الكتاب .
فعلى كل حال فهذا دليل - ما ذكرت الآن - دليل على أنه كان من الجامعين للعلوم جمعا لابأس به .
رأيت ، إلا أنه من جهة فن الحديث لا تجد له أثرا قويا - افهموا كلامي - من باب ذكر الشيء في محله ، وهو أيضا كان أشعري المعتقد إلا أنه منجهة الجمع نقول من الجامعين للعلوم ، هذا هو الحق فهذا هو محمد الطاهر بن عاشور شيخ جامع الزيتونة ، ويُنسَبُ في نسبه وعِرقِهِ إلى آل البيت وهذه مسألة أخرى تحتاج إلى إثبات أو شيء من هذا [كلمة غير مفهومة] فرحمه الله رحمة واسعة .
وهو أحد رجلين اشتهرا من متخرجي أو من علماء جامع الزيتون ، هو أحد رجلين اشتغلا بالعلم في هذا العصر وهكذا ؛ فأحدهما [هو] والآخر هو محمد الخضر حسين التونسي هذا أيضا كان فحلاً جبلا في العلوم إلا أنه نزح إلى الشرق البلاد العربية المشرقية ، وفي هذه البلاد إلى الشام هي مشرقية بالنسبة إلى المغرب وتونس وهكذا ، نزح إلى المشرق لأن الإفرنج نَفَوهُ وخافوا منه ، نفوه على كل حال فهو انتهى إلى المشرق .
وهو أحد أو آخر شيخ اختير لمشيخة الأزهر بمصر لما كان الأزهر أزهرا ، آخر شيخ اختير لمشيخة الأزهر من قبل العلماء أنفسهم في الأزهر ، هذه طريقتهم كانوا يختارون الشيخ للأزهر من العلماء ليس من شيء خرج ليس كما يقال جهة عليا وكذا من الوزارات وكذا ، علماء الأزهر أنفسهم إذا اتفقوا ووثقوا بعالم لعلمه بهذه النظرة اختاروه شيخا للأزهر ، هذا الذي كان موجودا في السابق عندهم هنالك في مصر ، فهو آخر شيخ اختير من قبل علماء الأزهر أنفسهم مع أنه تونسي [كلمة غير مفهومة]وما ذلك إلا لثقتهم به ، فكان آخر شيخ للأزهر من اختيار العلماء وبقي هنالك ، لعله توفي هنالك وقد سكن أولا في دمشق ثم هكذا .
وهذ الرجل محمد خضر حسين زميل محمد الطاهر بن عاشور كانت بينهما صداقة صداقة جيدة ، ومحمد الخضر حسين هو أكبر من محمد الطاهر بن عاشور بأربع سنوات فقط هكذا ، إلا أنهما في الحقيقة كانا جبلين في العلم ومحمد الخضر حسين له ميزة لأنه تَشَرَّقَ وصل إلى الشرق ، فتجده حسب ممارسته تجده في العقائد على عقيدة أهل السنة والجماعة بخلاف محمد الطاهر بن عاشور ، وهذا لا يطول الكلام ، هذا يعرف مثلا بمجلة كانت عندهم في الأزهر سائقا تسمى مجلة منبر الإسلام وهكذا فهو كان يترأسها ، تجد له كلاما في هذه المجلة فيما يتعلق بالعقائد تجد كلامه على وِفقِ معتقد أهل السنة والجماعة ، وشيء آخر مما يدل على هذا : عندي كتاب الموافقات للشاطبي هو علق على جزأين منه في مدة طويلة ، تعليقاته هذه تُنبِئُ عما قلت من كون معتقده معتقد أهل السنة والجماعة ويعالج المسائل التي في العقيدة على وفق هذا المعتقد السني الصحيح .
لكن لا تجد هذا ايش ؟ لمحمد الطاهر بن عاشور ما أدري لعله لبقائه هنالك أو لأي شيء آخر لا أدري .
فهذا هو محمد الطاهر بن عاشور من جهة علمه وهو واضع هذا الكتابالذي سماه موجز البلاغة سماه موجز البلاغة فنشرع في شرح هذا الكتاب بعون الله قال :
تفسير التحرير والتنوير - محمد الطاهر بن عاشور - 15 مجلد (30 جزء) - الحجم الإجمالي 225 ميجا - الدار التونسية للنشر
صفحة الكتاب :
http://www.archive.org/details/tahrer_tanwer عنوان الكتاب: تفسير التحرير والتنوير
• المؤلف: محمد الطاهر بن عاشور
• الناشر: الدار التونسية للنشر
• عدد المجلدات: 30
• نبذة عن الكتاب: الحجم الإجمالي 225 ميجا
• تاريخ إضافته: 15 / 10 / 2008
• شوهد: 13120 مرة
• رابط التحميل من موقع Archive: اضغط هنا
http://www.waqfeya.com/book.php?bid=918رابط الكتاب على ارشيف :
http://archive.org/details/tahrer_tanwer ( كتاب أغراض السور في تفسير التحرير والتنوير - ابن عاشور )
http://www.4shared.com/office/q_j4flyV/______-__.html