إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، أما بعد:
فقد اعْتَرَضَتْ طَائِفَةٌ مِمَّنْ يَشْنَأُ الْحَدِيثَ وَيُبْغِضُ أَهْلَهُ، فَقَالُوا بِتَنَقُّصِ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَالْإِزْرَاءِ بِهِمْ، وَأَسْرَفُوا فِي ذَمِّهِمْ وَالتَّقَوُّلِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ شَرَّفَ اللَّهُ الْحَدِيثَ وَفَضَّلَ أَهْلَهُ، وَأَعْلَى مَنْزِلَتَهُ، وَحَكَّمَهُ عَلَى كُلِّ نِحْلَةٍ، وَقَدَّمَهُ عَلَى كُلِّ عَلْمٍ، وَرَفَعَ مِنْ ذِكْرِ مَنْ حَمَلَهُ وَعُنِيَ بِهِ، فَهُمْ بَيْضَةُ الدِّينِ وَمَنَارُ الْحُجَّةِ، وَكَيْفَ لَا يَسْتَوْجِبُونَ الْفَضِيلَةَ، وَلَا يَسْتَحِقُّونَ الرُّتْبَةَ الرَّفِيعَةَ، وَهُمُ الَّذِينَ حَفِظُوا عَلَى الْأُمَّةِ هَذَا الدِّينَ، وَأَخْبَرُوا عَنْ أَنْبَاءِ التَّنْزِيلِ وَأَثْبَتُوا نَاسِخَهُ وَمَنْسُوخَهُ، وَمُحْكَمَهُ وَمُتَشَابِهَهُ، وَمَا عَظَّمَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ شَأْنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَقَلُوا شَرَائِعَهُ، وَدَوَّنُوا مَشَاهِدَهُ، وَصَنَّفُوا أَعْلَامَهُ وَدَلَائِلَهُ، وَحَقَّقُوا مَنَاقِبَ عِتْرَتِهِ، وَمَآثِرَ آبَائِهِ وَعَشِيرَتِهِ، وَجَاؤوا بِسِيَرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَقَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ، وَأَخْبَارِ الشُّهَدَاءِوَالصِّدِّيقِينَ، وَعَبَّرُوا عَنْ جَمِيعِ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي سَفَرِهِ وَحَضَرِهِ، وَظَعْنِهِ وَإِقَامَتِهِ، وَسَائِرِ أَحْوَالِهِ، مِنْ مَنَامٍ وَيَقَظَةٍ، وَإِشَارَةٍ وَتَصْرِيحٍ، وَصَمْتٍ وَنُطْقٍ، وَنُهُوضٍ وَقُعُودٍ، وَمَأْكَلٍ وَمَشْرَبٍ وَمَلْبَسٍ وَمَرْكَبٍ، وَمَا كَانَ سَبِيلَهُ فِي حَالِ الرِّضَا وَالسُّخْطِ، وَالْإِنْكَارِ وَالْقَبُولِ، حَتَّى الْقُلَامَةَ مِنْ ظُفُرِهِ، مَا كَانَ يَصْنَعُ بِهَا، وَالنُّخَاعَةَ مِنْ فِيهِ أَيْنَ كَانَتْ وِجْهَتُهَا، وَمَا كَانَ يَقُولُهُ عِنْدَ كُلِّ فِعْلٍ يُحْدِثُهُ وَيَفْعَلُهُ عِنْدَ كُلِّ مَوْقِفٍ وَمَشْهَدٍ يَشْهَدُهُ، تَعْظِيمًا لَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعْرِفَةً بِأَقْدَارِ مَا ذُكِرَ عَنْهُ وَأُسْنِدَ إِلَيْهِ، فَمَنْ عَرَفَ لِلْإِسْلَامِ حَقَّهُ، وَأَوْجَبَ لِلرَّسُولِ حُرْمَتُهُ، أَكْبَرَ أَنْ يَحْتَقِرَ مَنْ عَظَّمَ اللَّهُ شَأْنَهُ، وَأَعْلَى مَكَانَهُ، وَأَظْهَرَ حُجَّتَهُ وإبَانَ فَضِيلَتَهُ، وَلَمْ يَرْتَقِ بِطَعْنِهِ إِلَى حِزْبِ الرَّسُولِ وَأَتْبَاعِ الْوَحْيِ، وَأَوْعِيَةِ الدِّينِ، وَنَقَلَةِ الْأَحْكَامِ وَالْقُرْآنِ، الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّنْزِيلِ، فَقَالَ: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ}[التوبة: 100].
وعن إبراهيم بن عبد الرحمن العذري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين " . رواه البيهقي.
وقد صدق الله وعده اذ حفظ لهذه الأمة دينها من تحريف وتأويل وتعطيل وذلك بأن قيض لها رجالا من لدن أبو بكر رضي الله عنه الذي نصر به الله عز وجل الاسلام زمن الردة والامام أحمد زمن المحنة وشيخ الاسلام ابن تيمية زمن التاتار وغيرهم الى زمننا هذا بحامل لواء الجرح والتعديل.
الذي ردّ على محمود ابن محمّد الحدّاد وبيَّن غلوَّه وانحرافه عن الشريعة و الذي أبان زيف منهج محمّد بن سرور وقارع أتباعه بالحجّة والبرهان و الذي أظهر تلاعب عدنان عرعور بالشريعة وَرَوَغَانِه الماكر و الذي بيَّن ضلال المغراوي وَتُرَاثِيَتِه المتهالكة والذي كشف طعون عبد اللطيف باشميل الخفية في أهل العلم وتربُّصه بكبار العلماء الدوائر، و الذي نكل بالملليباري ووضَّح عبثه بالشريعة، والذي تصدّى لعدوان أبي الحسن المصري وردّ هجمته الشرسة على الدعوة السلفية، والذي ردّ على فالح الحربي وأظهر تجاوزاته وأحكامه الجائرة في نقد الآخرين، إنّه ذلك العالم المجاهد الشيخ ربيع بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ـ الذي نذر حياته ووقته وصحّته وجعلها وقفًا للعلم بالشريعة وبيان حال المبطِلين، في حين أنَّك تجده أخي القارئ ذلك الأب الرحيم بالمخالفين قبل الموافقين له، فهو أرحم بهم من آبائهم لأنّه يبيِّن لهم، أخطاءهم حتى يجتنبوها فلا يَغترُّ بهم غيرهم فكان الأمر كما قال الأول:
وأنت ربيع ينعش الناس سيبه *** وسيف أعيرته المنية قاطع
لا تنكـروا لربـيـع فــضـــــل نعمته *** لا يشكر الله من لا يشكر الناسا
واليوم نرى الكثير ممن خذل الدين وخذل السنة يتهجم على الشيخ بالافتراءات والاكاذيب والاباطيل اما حبا في التصدر واما حقدا على أهل السنة واما انتقاما ومن ذلكم أطفال منتدى كل التراثيين الذين اصبح همهم الطعن في الشيخ ربيع حامل لواء الجرح والتعديل الذي هو أرحم بمشايخهم من ابائهم.
ولا تزال هذه السلسلة تتواصل ولكنها سرعان ما تنهار أمام الحق بحمد الله، وما ذلك إلا لأن باب الكذب عريض، وبوابة الافتراء مفتوحة على مصراعيها، وعقوبة الكذب الفضح والشنار، والعاقبة للمتقين.
وهذا العيب والسب والشتم من أهل الهوى والجهل كله أثم لهم، حسنات للشيخ ربيع، وهكذا الصحابة والتابعون ومن بعدهم، فما سب الرافضة لهم ولا الخوارج ولا المعتزلة ولا أهل البدع جميعاً إلا وهي حسنات في ميزان سلفنا الصالح، وإكرام من الله لهم ليرفع منزلتهم ولو بعد مماتهم، ولا يضرهم ذلك شيء في نظر أهل الحق والسنَّة، فكم ثلب الروافض أبا بكر وعمر، وكم ثلب الأشاعرة والمعتزلة والجهمية شيخ الإسلام ابن تيمية، وكم ثلب أعداء التوحيد ومناصرو الشرك وأهل البدع شيخ الإسلام محمد بن عبدالوهاب، وكم ثلب أعداء السنة شيوخنا وأئمتنا كالشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين والشيخ الفوزان والشيخ ربيع وغيرهم رحم الله الأموات منهم وحفظ أحياءهم.
فهم كما قال الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ -رحمه الله- في أثناء حديثه عن جده المجدد الإمام محمد بن عبد الوهاب: ((وله -رحمه الله- من المناقب والمآثر، ما لا يخفى على أهل الفضائل والبصائر، ومما اختصه الله به من الكرامة تسلط أعداء الدين وخصوم عباد الله المؤمنين، على مسبته، والتعرض لبهته وعيبه)). [الهدية السنية (ص 131)].
وفي مقابل تلك الفئة التي تلمز الشيخ ربيع وتتهمه وتخفض من شأنه، فئةٌ ثناؤهم هو المعتبر، وتزكيتهم هي المقبولة، فقد عرف فضل هذا الرجل كل عالم سنّة وطالب علم تحلى بالإنصاف ونزع ثوب التعصب والهوى، والفضل لا يعرفه إلا أهل الفضل وذووه، فأثنى عليه علماء هذا العصر وشهدوا له بشهادة حق وصدق، وتحدثوا عن فضله وعلمه وثباته على السنة وعلى منهج السلف الصالح، ومن هؤلاء العلماء الأجلاء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، والشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين، والشيخ صالح الفوزان، والشيخ محمد بن عبدالوهاب البنا، والشيخ مقبل بن هادي الوادعي، والشيخ محمد بن عبدالله السبيل، والشيخ أحمد بن يحيى النجمي، والشيخ زيد بن محمد المدخلي، والشيخ صالح السحيمي، والشيخ عبيد الجابري، وغيرهم من العلماء والفضلاء وأهل الخير الصلحاء، وهؤلاء هم أهل العلم وكفى بشهادة أهل العلم شهادة، كيف لا وقد استشهد بهم الله تعالى في كتابه الكريم على وحدانيته سبحانه فقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.
فكفوا السنتكم اني لكم ناصح أمين ولا تغتروا بسلفكم وعلموا أنه {ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد}[ق:18]، وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبيّن فيها يزلّ بها في النار ابعد مابين المشرق والمغرب).
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا (أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك) أخرجه ابن المبارك في ( الزهد) وأحمد والترمذي وانظر الاحاديث الصحيحة برقم 890.
وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذا أصبح ابن أدم فان الأعضاء كلها تكفٍّر (تذلّ وتخضع له) اللسان فتقول: اتق الله فينا فانما نحن بك فان استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا)) صحيح سنن الترمذي 1912.
واعلموا أيها الظالمون الواقعون في أعراض العلماء أنكم محاسبون وأنكم واقفون بين يدي الله تعالى وليس بينكم وبينه ترجمان كيف ارتضيتم لأنفسكم الافتراء على العلماء والطعن فيهم أما قراتم قوله تعالى
والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ماكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا) [الأحزاب:58].
أما قرأتم قوله تعالى : {ما للظّالمين من حميم ولا شفيع يطاع}[غافر:18]، أما قرأتم قوله تعالى : {ما للظّلمين من نصير}[الحجّ:71]، أما قرأتم ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الظلم فان الظلم ظلمات يوم القيامة واتقواالشحّ
فان الشحّ أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دمائهم واستحلوا محارمهم)).
لا تظنوا أنكم فالتون من عقاب الله لا تحسبوا أنكم سالمون من جزاء الله عز وجل فوالله وبالله وتالله لن تسلموا وان طالت بكم الأيام وأن وان اردتم النجاة فكفوا السنتكم واتقوا دعوة المظلوم فانها ليس بينها وبين الله حجاب .
يا من تكفلتم بالطعن في الشيخ ربيع والدفاع عن الحلبي زورا اسمعوا قوله عليه الصلاة والسلام: ((من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلّله فانّه ليس ثمّ دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته فان لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه)) روه البخاري.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الظلم ثلاثة فظلم لا يتركه الله وظلم يغفر وظلم لا يغفر فأما الظلم الذي لا يغفر فالشرك لا يغفره الله وأما الظلم الذي يغفر فظلم العبد فيما بينه وبين ربه وأما الظّلم الذي لا يترك فظلم العباد فيقتص الله بعضهم من بعض)) أخرجه أبو داود في مسنده وأبو نعيم في الحلية كما في الصحيحة برقم 1927.
فالتوبةالتوبة والرجوع الرجوع للحق قبل فوات الأوان حين لا ينفع الندم واعلموا أن كل تزكية للشيخ حفظه الله تحسب عليكم وهي حجة.
فأسأل الله أن يبارك في عمر شيخنا ويمتِّع المسلمين بطول بقائه ويختم له بالحسنى إنّه سميع مجيب وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلي اللهم وسلم على نبينا وعلى اله وصحبه الى يوم الدين
كتبه
أبو عبد الرحمن مراد البليدي
المراجع:
(1) المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للرامهرمزي
(2) اجوبة الشيخ ربيع السلفية على اسئلة ابن رواحة المنهجية
(3) الثناء البديع من العلماء على الشيخ ربيع
(4) رسالة حصائد الألسن