فضل أواخر سورة البقرة
الحمد لله رب العالمين و صلى الله و سلم على محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد :
فعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : '' إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان ''([1])
وعن أبي مسعود الأنصاري البدري عقبة بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله : ''الآيَتانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ؛ مَنْ قَرأ بِهِما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ''([2])
هذه الآيات التي أخبر النبي صلى الله عليه و على آله و سلم أنه من نام عليها في ليلة كفتاه([3]) و المقصود بالكفاية على راجح أقوال الشراح و المفسرين([4]) أنها كفاية الله عز وجل عبده من كل كيد لأن الكفاية تقابل الخوف كما في قوله تعالى : (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ)[الزمر:36] ، و منه قوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [البقرة :137]و لبيان تضمُن هاتين الآيتين ، الكفاية من الله عزوجل لعبده الذي ختم ليلته بهما ، ننظر في مناسبة بين أولها و آخرها و هو ما يسمى عند علماء التفسير بمناسبات الآيات([5])، إذ هم قد يذكرون مناسبة آية لما بعدها أو لما قبلها أو يذكرون مناسبة أول السورة و آخرها أو يذكرون مناسبة سورة لأختها و غير ذلك من المناسبات المعلومة عند هذا الفن .
الفائدة الأولى : أصول الإيمان الستة :
بدأ ربنا سبحانه و تعالى بالتنويه بشأن العقيدة فيقول: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ) [البقرة:285] ، فقد جمعت هذه الآية أصول الإيمان ، الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله ، والإيمان باليوم الآخر في قوله تعالى : ( و إليه المصير ) لأن مصيرنا إلى يوم أن نلقاه سبحانه و تعالى ، و أما الإيمان بالقدر فقال بعض المفسرين إنه مأخوذ من قوله تعالى : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) [البقرة:286] و بعضهم قال : إنه مأخوذ من الدعاء لأن الله عزوجل هو الذي يقدر المقادير على حسب دعاء الداعين ، لكن الله تعالى يقدر و لذلك أخبر البني صلى الله عليه و على آله و سلم : '' الدعاء والقدر يعتلجان[6]، فأيهما أقوى غلب صاحبه'' ([7]) فيغلب في الأخير الدعاء ، مع أن الله عز وجل قد قدر للخلق جميع ما أراد ، لكنه تعالى جعل الدعاء سببا لمقدوراته ، إذ جعل سبحانه و تعالى لكل مسبب سببا([8])، فهنا تكمن الفائدة الأولى إذ جمعت هاتان الآيتان أصول الإيمان الستة و من هنا تظهر قوة المؤمن الذي جمع الله قلبه على هذه الأصول العظيمة .
الفائدة الثانية : مناسبة أول الآيتين لآخرهما:
لقد ذكر الله تبارك و تعالى العقيدة في الأول ثم ختم بالحديث عن النصرفي قوله : (فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[البقرة:250] للدلالة على أن المؤمنين إنما ينصرون إذا نصروا الله تعالى في أعظم ما في هذا الدين على الإطلاق ، ألا و هو(العقيدة) فتوحيد الله عزوجل أصل كل عقيدة سليمة ، و هذا شان عظيم ، إذا كان هؤلاء الذين ينشدون النصر و يدعون ربهم عزوجل على أن ينصرهم ، اجتمعت قلوبهم على التوحيد الخالص لله و المعتقد السليم الذي ورثوه من الكتاب و السنة لا من معتقدات أقوامهم و لا من تقاليدهم و لا مما استنتجته عقولهم ، إذا كانوا على هذا و دعوا الله بالنصر نصرهم الله .
قال تعالى: (لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولا)[الإسراء:22]، و المخذولهوالمهزوم فقد دل على أن كل مشرك مهزوم ، و هذه الأمة لا تُنصر حتى تنتصر على الشيطان بأن تعتقد معتقد المهاجرين و الأنصار رضي الله تعالى عنهم و دون ذلك تضييع للجهود ، قال تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا)[النور:55] كيف ذلك ؟ ما تفصيله ؟ (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)[النور:55] الوعد صادق لكن بشرطه و ضابطه (يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا) ، إذا فهذه هي الفائدة الثانية .
الفائدة الثالثة: ضرورة تصحيح العقيدة :
وتكمن الفائدة الثالثةفي قولهعز وجل
كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ)[البقرة :285] كل ، أي : قد يقصر المؤمنون في بعض العمل سواء كان من الواجبات أو من المستحبات ، فإذا رأى الله عزوجل غالبهم على العمل الصالح ، و إذا رأى غالب حال المؤمن على العمل الصالح نصرهم الله عزوجل في مواطن كيد الأعداء ، لكن إن خذلوا الله عزوجل في المعتقد فاعتقدوا غير ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه الكرام رضوان الله تعالى عليهم أجمعين خذلوا و لم ينصروا فهذه الكلية كلية دقيقة ( كل آمن ) إذ لا يتساهل في التوحيد و لا يتساهل في العقيدة .
وما ذكر ربنا هذه الكلية عبثا و إنما لينتبه إليها المؤمنون لضرورة تصحيح عقائدهم و تصفيتها من كل دخيل ، فلا يقال اتركوا المسلمين على اختلاف عقائدهم فإن عدوهم واحد ، نقول : أول عدو لم ينتصروا عليه و هو الشيطان الذي فرق شملهم بالمعتقدات الفاسدة مختلفة ، ما يمكن إلا على سياسة اليهود الذين قال الله تعالى فيهم: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى)[الحشر:14] ، و المعنى أن قلوبهم مختلفة على عدة عقائد ، لأن الأصل في المعتقدات في القلوب ، هذا هو الأصل (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) ثم وصفهم بعدم العقل فقال
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ)[الحشر:14] لأن من ينشد النصر مع السكوت على المعتقدات المختلفة عند المسلمين هذا غير عاقل ، إذ الله عزوجل ينصر المؤمنين بادئ ببدء على صلاح قلوبهم ،قال تعالى : (إِن يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِّمَّا أُخِذَ مِنكُمْ)[الأنفال:70] و قال تعالى: (قَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)[الفتح:18]تأملوا : (فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ) ، فعلى ما في القلوب يعطي الله عزوجل .
الفائدة الرابعة: الإخلاص لله تبارك و تعالى :
قال الله تبارك و تعالى : (وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ)[البقرة:285] لما وصفهم بصراح المعتقد أي بكونهم أخلصوا الدين لله و لم يشركوا به شيئا ، و صفهم بتمام المتابعة (وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا)إذا هم قومٌ جمعوا بين الإيمان و العمل الصالح ، و قالوا سمعنا و اطعنا للدلالة على أنهم جمعوا شرطي قبول الأعمال ، فالأعمال لا تقبل إلا بشريطين:
أولهما : إخلاص الدين لله .
الشرط الثاني : أن يكون هذا المخلص في عمله الذي أخلص فيه لله سائر فيه على هدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ، أي أن يكون موافقا لما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم.
فهما شرطان لا بد منهما و لذلك نوه الله تعالى بهما في هذا المقام ، مقام صفات المنصورين الذين ينصرهم الله .
وقولهم : (غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)[البقرة:285] ، و سببه أن كل من يقدم لله عزوجل عملا صالحا لا بد أن يكون فيه مقصرا ، ما يوجد أحد يوفي الله حقه و لا الأنبياء و لا الملائكة المقربون السجد الركع ، لا أحد ، و لو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ، كل ما يدب على الأرض من ولي صالح من نبي من ملك مقرب فضلا عمن دون هؤلاء ، لو أن الله تعالى يؤاخذهم على أعمالهم ما صلح أحد لأن يقول أديت لله حقه ، و لذلك صح عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :'' يوضع الميزان يوم القيامة ، فلو وزن فيه السماوات و الأرض لوسعت ، فتقول الملائكة : يا رب لمن يزن هذا ؟ فيقول الله تعالى : لمن شئت من خلقي ، فتقول الملائكة : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ، و يوضع الصراط مثل حد موسى ، فتقول الملائكة : من تجيز على هذا ؟ فيقول: من شئت من خلقي .فيقولون : سبحانك ما عبدناك حق عبادتك''([9])، لاحظ بارك الله فيك الملائكة الذين يسبحون الله الليل و النهار لا يفترون ، الركع السجد ، ملئوا السماء بالعبادة ، إذا خلصوا إلى الله قالوا : '' سبحانك ما عبدناك حق عبادتك '' ، فكيف بنا نحن ؟ و نستكثر على الله عزوجل هذه العبادات المختزلة المختصرة التي نقدمها إلى الله ، و لذلك شرع عقب كل عمل صالح الاستغفار ، قال تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُم مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)[البقرة:198] ثم قال تعالى: ( ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[البقرة:199] ، الإنسان بعد هذه الإفاضة و هي نهاية ما يؤمر به في الحج يستغفر ربه عزوجل على تقصيره و على أمر آخر : أن يكسر العجب الذي يركب الإنسان إذا قدم عملا صالحا لله ، فإن للطاعات عجبا تجعل صاحبها يعيش في كبر عجيب ، فيكسر هذا العجب ، و من حديث ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ''وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُم''([10]) [والحديث معناه ظاهر أن الله سبحانه وتعالى يحب من عباده أن يستغفروه وأن يغفر لهم ليظهر بذلك فضله سبحانه وتعالى وآثار صفته الغفار والغفور ، وهذا كما في قوله تعالى ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ ) [الزمر : 53-54] الحديث يدل على مسألتين عظيمتين : أولا : المسألة الأولى : أن الله سبحانه وتعالى عفو يحب العفو غفور يحب المغفرة . ثانيا : والمسألة الثانية : فيه بشارة للتائبين بقبول توبتهم ومغفرة ذنوبهم وألا يقنطوا من رحمة الله ويبقوا على معاصيهم ويصروا عليها ؛ بل عليهم أن يتوبوا ويستغفروا الله سبحانه وتعالى ؛ لأن الله فتح لهم باب الاستغفار وباب التوبة ، هذا معنى الحديث ، وفي الحديث أيضًا كسر العجب من الإنسان وأن الإنسان لا يعجب بنفسه وبعمله ؛ لأنه محل للخطأ ومحل للزلل ومحل للنقص فعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار من تقصيره ومن خطئه ومن زَلَله ولا يظن أنه استكمل العبادة أو أنه ليس بحاجة إلى الاستغفار ، فهذا فيه الحث على الاستغفار ، وأن الله سبحانه وتعالى يحب من عباده أن يستغفروه ويتوبوا إليه وفي الحديث '' كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون '' ([11]) وليس معناه أن الله يحب من عباده أن يذنبوا أو يحب المعاصي ؛ فالله سبحانه وتعالى لا يحب الكفر ولا يرضاه ولا يحب المعاصي ولكنه يحب من عباده إذا أذنبوا وعصوا أن يتوبوا إليه سبحانه وتعالى وأن يستغفروه هذا معنى الحديث ] ([12]) ، و قال الشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري رحمه الله عند شرحه لهذا الحديث قال : "قال الطِّيبي : ليس الحديث تسلية للمنهمكين في الذنوب كما يتوهمه أهل الغرة بالله ؛ فإن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم إنما بعثوا ليردعوا الناس عن غشيان الذنوب ، بل بيان لعفو الله تعالى ، وتجاوزه عن المذنبين ؛ ليرغبوا في التوبة .
والمعنى المراد من الحديث : هو أن الله كما أحب أن يعطي المحسنين أحب أن يتجاوز عن المسيئين , وقد دل على ذلك غير واحد أسمائه : الغفار ، الحليم ، التواب ، العفو , ولم يكن ليجعلَ العباد شأناً واحداً كالملائكة ، مجبولين على التنزه من الذنوب ، بل يخلق فيهم من يكون بطبعه ميَّالاًَ إلى الهوى ، متلبساً بما يقتضيه ، ثم يكلفه التوقي عنه ، ويحذره من مُدَاناته ، ويعرِّفه التوبة بعد الابتلاء ، فإن وفَّى : فأجره على الله , وإن أخطأ الطريق : فالتوبة بين يديه ، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم به : أنكم لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة : لجاء الله بقوم يتأتى منهم الذنب ، فيتجلى عليهم بتلك الصفات ، على مقتضى الحكمة ؛ فإن الغفَّار يستدعي مغفوراً ، كما أن الرزَّاق يستدعي مرزوقاً .''([13]) ، لهذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يكثر من الإستغفار فقد صح عنه صلى الله عليه و سلم أنه كان إذا سلم من صلاته أول ما يبدأ به أن يقول : ( استغفر الله ) ، فعن ثوبان رضي الله عنه قال: '' كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم يستغفر ثلاثا – يعني يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله – ثم يقول: (اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت ذا الجلال والإكرام) ''([14]) .
فهذه بعض الفوائد انتخبتها لإخواني تذكيرا لهم على ضرورة الرجوع إلى الله عزوجل في هذه الأصول العظيمة ([15]).
نسأل الله تعالى أن ينتخبنا لأهل ولايته حتى إذا قلنا: (رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)[البقرة:286]كان مولانا وجاءنا النصر .
أسأل الله عزوجل لي و لكم التوفيق لما يحبه و يرضاه و صلى الله و سلم وبارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.
بلال الجزائري
قسنطينة/الجزائر
[1]: رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير (1799)
[2]: أخرجه البخاري (5009)، ومسلم (2714). و عن علي رضي الله عنه أنه قال : '' ما كنتُ أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة '' ، عزاه النووي في الأذكار (220) لرواية أبي بكر بن أبي داود ثم قال : ''صحيح على شرط البخاري ومسلم''.
[3]:كفتاه: هناك عدة أقوال قيلت في هذا المعنى نذكرها باختصار من فتح الباري لابن حجر رحمه الله (9/55) حديث رقم (5008) :''أي أجزأتا عنه من قيام الليل بالقرآن، وقيل أجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقا سواء كان داخل الصلاة أم خارجها، وقيل معناه أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملتا عليه من الإيمان والأعمال إجمالا، وقيل معناه كفتاه كل سوء، وقيل كفتاه شر الشيطان، وقيل دفعتا عنه شر الإنس والجن، وقيل معناه كفتاه ما حصل له بسببهما من الثواب عن طلب شيء آخر، وكأنهما اختصتا بذلك لما تضمنتاه من الثناء على الصحابة بجميل انقيادهم إلى الله وابتهالهم ورجوعهم إليه وما حصل لهم من الإجابة إلى مطلوبهم وعلى هذا فأقول: يجوز أن يراد جميع ما تقدم والله أعلم''.
[4]: قال ابن القيم في الوابل الصيب (132) :'' كفتاه من شر ما يؤذيه'' .
[5]: المناسبة: هي في اللغة المقاربة والمشاكلة. يقال: فلان يناسب فلاناً، أي يقاربه ويشاكله. ومنه النسيب الذي هو القريب المتصل بغيره، كالأخ وابن العم. واصطلاحاً: هي علم تعرف منه علل ترتيب أجزاء القرآن. [نظم الدرر للبقاعي 1/6].
[6]: يعتلجان : أي يتصارعان و يتدافعان.
[7]:حسنه الألباني رحمه الله في صحيح الجامع (2963) ،وروى الطبراني في الدعاء (33) و في المعجم الأوسط (2498) وابن شاهين في الترغيب (149) والحاكم في المستدرك (1813) والبيهقي في القضاء والقدر (189)والشهاب في المسند (801-803) و الاصبهاني في الترغيب (112/2) و عبد الغني المقدسي في الترغيب في الدعاء (5) وغيرهم , من طريق زكريا بن منظور ثنا عطاف الشامي عن هشام بن عروة , عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : ''لا يغني حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن الدعاء ليلقى البلاء فيعتلجان إلى يوم القيامة '' قلت : و في إسناده زكريا بن منظورو هو منكر الحديث.
[8]: قال ابن القيّم في الجواب الكافي: "إن هذا المقدور قدّر بأسباب ومن أسبابه الدعاء، فلم يقدر مجرداً عن سببه، ولكن قدر بسببه؛ فمتى أتى العبد بالسبب وقع المقدور، ومتى لم يأتِ بالسبب انتفى المقدورُ وهكذا، كما قدِّر الشّبَعُ والرِّيُّ بالأكل والشرب، وقُدِّر الوَلَدُ بالوطء، وقُدر حصول الزرع بالبذر...، وحينئذ فالدعاء من أقوى الأسباب، فإذا قُدر وقوعُ المدعوّ به لم يصحّ أن يقال: لا فائدة في الدعاء، كما لا يقال: لا فائدة في الأكل والشرب".
وقال السندي في شرحه على سُنن ابن ماجه: قال الغزالي: "فإن قيل: ما فائدةُ الدعاء مع أنَّ القضاءَ لا مَرَدَّ له؟ فاعلمْ أنَّ مِنْ جملة القضاء ردَّ البلاء بالدعاء؛ فإنَّ الدُّعاءَ سببُ ردّ البلاء، ووجود الرحمة، كما أنَّ البذْرَ سببٌ لخروج النبات من الأرض، وكما أنَّ التّرس يدفع السهم، كذلك الدعاء يرد البلاء".
[9]: أنظر السلسلة الصحيحة للشيخ الألباني رحمه الله (2/619) رقم(941).
[10]: قال الشيخ الفوزان حفظه الله : '' الحديث ذكره السيوطي في الجامع الصغير ، و رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي رواية '' ثم يستغفرون فيغفر لهم '' وعزا روايته إلى الإمام أحمد في المسند ، قال شارحه المناوي قال الهيثمي :'' فيه يحيى بن عمرو بن مالك البكري وهو ضعيف ، وقد وثِّق وبقية رجاله ثقات'' انتهى كلام الهيثمي ، قال المناوي : '''وقد خرجه الإمام مسلم في التوبة من حديث أبي أيوب بلفظ''لولا أنكم تذنبون خلق الله خلقًا يذنبون فيَغفر لهم ''[انظر صحيح الإمام مسلم" من حديث أبي أيوب رضي الله عنه]'' المصدر موقع الشيخ.
[11]: رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
[12]: من كلام الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : عنوان السؤال : بيان مدى صحة حديث: '' لو لـم تذنبوا لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون''http://www.alfawzan.af.org.sa/node/6061
[13]: تحفة الأحوذي (7/193).
[14]: رواه مسلم في صحيحه.
[15]: الأصل فيها محاضرة ألقاها عبد المالك رمضاني على قناة الأثر وقمت بتفريغها و تخريج الأحاديث و الآثار و تصرفت فيها تصرف يسير و كنت قد فرغت هذه المحاضرة قبل أن أسمع كلام العلماء فيه و أنا مع ما قاله العلماء.