لحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فإن سورة الكهف سورة مكيَّة([1]) واستثنى بعض المفسرين بعض الآيات: أولها (1 -
، وآية رقم (28) ومن (107 - 110) على أنها مدنية، ولكن هذا الاستثناء يحتاج إلى دليل؛ لأن الأصل أن السُّور المكيَّة مكيَّةٌ كلها وأن المدنيَّة مدنيَّةٌ كُلُّها، فإذا رأيت استثناءً فلا بد من دليل([2]) ، و قد وردت أحاديث كثيرة في فضل سورة الكهف منها ما هو في الصحيحين، ومنها ما هو في غيرهما، وورد أنها عصمة من فتنة الدجال، وأنها نور لمن قرأها، وعصمة من كل فتنة لمن قرأها يوم الجمعة ، وأنها حرز من الشيطان ، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أضاء له من النور فيما بينه وبين البيت العتيق " ([3] ) و قال " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين " ([4]) ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء يضيء له يوم القيامة ، وغفر له ما بين الجمعتين " ([5] ).
وعن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : '' من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال وفي رواية ـ من آخر سورة الكهف ـ '' ([6])
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : '' من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من " فتنة " الدَّجال ''([7] )
وقال صلى الله عليه وسلم : '' من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة ، من مقامه إلى مكة ، و من قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ، و من توضأ فقال : سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك ، كتب في رق ، ثم جعل في طابع ، فلم يكسر إلى يوم القيامة'' ([8])
و منها أحاديث ضعيفة لم تثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم نذكر منها :
''ألا أخبركم بسورة ملأت عظمتها ما بين السماء و الأرض ؟ و لقارئها من الأجر مثل ذلك، و من قرأها غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام ؟ قالوا : بلى قال : سورة الكهف''( [9])
''سورة الكهف تدعى في التوراة : الحائلة ؛ تحول بين قارئها وبين النار''([10]) و قوله صلى الله عليه و سلم: ''من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف؛ عصم من فتنة الدجال '' ([11] ).
هذه بعض الأحاديث ذكرتها حتى أبين فضل سورة الكهف و أنها لا تقل شأنا عن باقي السور، و قد رأيت من المفيد أن أجمع بعض الفوائد من هذه السورة العظيمة و أنشرها في مقال حتى تعم الفائدة فنسأل الله أن يوفقني لهذا العمل و أن يجعله لوجهه الكريم إنه وحده القادر على ذلك و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سبب نزول سورة الكهف :
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: '' بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة، فقالوا لهم: سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله، فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى قدما المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله، وقالا: إنكم أهل التوراة، وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا، قال، فقالت لهم: سلوه عن ثلاث نأمركم بهن، فإن أخبركم بهن، فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل، فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم.
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنهم قد كان لهم شأن عجيب. وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها، ما كان نبؤه؟ وسلوه عن الروح ما هو؟ فإن أخبركم بذلك، فهو نبي فاتبعوه، وإن لم يخبركم فإنه رجل متقول، فاصنعوا في أمره ما بدا لكم، فأقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش، فقالا: يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد، قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور، فأخبروهم بها، فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا، فسألوه عما أمروهم به، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: أخبركم غدا عما سألتم عنه ولم يستثن، فانصرفوا عنه، ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا، ولا يأتيه جبريل عليه الصلاة والسلام، حتى أرجف أهل مكة وقالوا: وعدنا محمد غدا واليوم خمس عشرة ليلة، وقد أصبحنا فيها ولا يخبرنا بشيء عما سألناه، وحتى أحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه، وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة، ثم جاءه جبريل عليه الصلاة والسلام من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف، فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية، والرجل الطواف، وقول الله عز وجل: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾[الإسراء:85].''([12])
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس: ''أن قريشا بعثوا خمسة رهط - منهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث- يسألون اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم صفته فقالوا لهم: نجد نعته وصفته ومبعثه في التوراة فإن كان كما وصفتم لنا فهو نبي مرسل وأمره حق فاتبعه ولكن سلوه عن ثلاث خصال فإنه يخبركم بخصلتين ولا يخبركم بالثالثة إن كان نبيا فإنا قد سألنا مسيلمة الكذاب عن هؤلاء الثلاث فلم يدر ما هي فرجعت الرسل إلى قريش بهذا الخبر من اليهود فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد أخبرنا عن ذي القرنين الذي بلغ المشرق والمغرب وأخبرنا عن الروح وأخبرنا عن أصحاب الكهف فقال: أخبركم بذلك غدا ولم يقل إن شاء الله فأبطأ عليه جبريل خمسة عشر يوما فلم يأته لترك الاستثناء فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه جبريل عليه السلام بما سألوه فقال: يا جبريل أبطأت علي فقال: بتركك الاستثناء ألا تقول: إن شاء الله؟ قال: (ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)[الكهف: 23] ثم أخبره عن حديث ذي القرنين وخبر الروح وأصحاب الكهف ثم أرسل إلى قريش فأتوه فأخبرهم عن حديث ذي القرنين وقال لهم: الروح من أمر ربي يقول: من علم ربي لا علم لي به فلما وافق قول اليهود أنه لا يخبركم بالثالث قالوا: (سحران تظاهرا)[القصص : 48] تعاونا- يعني التوراة والفرقان- وقالوا: (إنا بكل كافرون)[القصص : 48] وحدثهم بحديث أصحاب الكهف''([13])
بعض الفوائد من سورة الكهف
أولا : العبرة في الأعمال الإحسان و ليس الإكثار :
وقوله عزوجل : (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا)[الكهف :07]
أخبر الله تعالى أنه جعل الدنيا دارا فانية مزينة بزينة زائلة ، و إنما جعلها دار اختبار لا دار قرار([14]) ، و قد اختلف في تفسير قوله تعالى (زينة) فمنهم من قال هم العلماء كابن عباس و منهم من قال الرجال كابن جبير([15]) ، و منهم من ذهب إلى غير هذا ، فقوله تعالى: (إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً ) [هنا (جعل) بمعنى صَيَّر فالمفعول الأول (ما) والمفعول الثاني (زينة) أي أنَّ ما على الأرض جعله الله زينة للأرض وذلك لاختبار الناس. هل يتعلقون بهذه الزينة أم يتعلقون بالخالق؟ الناس ينقسمون إلى قسمين، منهم من يتعلق بالزينة ومنهم من يتعلق بالخالق، واسمع إلى قوله تعالى مبيناً هذا الأمر: )وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ*وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ*) [لأعراف:176].
إذاً جعل الله الزينة لاختبار العباد، سَواءٌ أكانت هذه الزينة فيما خلقه الله وأوجده، أم مما صنعه الآدمي، فالقصور الفخمة المزخرفة زينة ولا شك، ولكنها من صنع الآدمي، والأرض بجبالها وأنهارها ونباتها وإذا أنزل الله الماء عليها اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، هذه زينة من عند الله تعالى.]([16])
قوله تعالى: { أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } :''قال الفضيل في قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} ، قال: أخلصه وأصوبه، قال: فإن العمل إذا كان خالصًا، ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا، ولم يكن خالصًا لم يقبل، حتى يكون خالصًا صوابًا. والخالص: أن يكون لله، والصواب: أن يكون على السنة ''([17])
فقوله تعالى: { أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } هنا الضمير يعود للخلق، وتأمل قوله تعالى: { ْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ولم يقل: "أكثر عملاً"؛ لأن العبرة بالأحسن لا بالأكثر ، وعلى هذا لو صلى الإنسان أربع ركعات لكنْ على يقين ضعيف أو على إخلال باتباع الشرع، وصلى آخر ركعتين بيقين قوي ومتابعةٍ قوية فأيهما أحسن؟ الثاني؛ بلا شك أحسن وأفضل، لأن العبرة بإحسان العمل وإتقانه إخلاصاً ومتابعة.
في بعض العبادات الأفضل التخفيف كركعتي الفجر مثلاً، لوقال إنسان: أنا أحب أن أطيل فيها في قراءة القرآن وفي الركوع والسجود والقيام، وآخر قال: أنا أريد أن أخفف، فالثاني أفضل؛ ولهذا ينبغي لنا إذا رأينا عامِّيَّاً يطيل في ركعتي الفجر أن نسأله: "هل هاتان الركعتان ركعتا الفجر أو تحية المسجد؟". فإن كانت تحية المسجد فشأنه، وإن كانت ركعتي الفجر قلنا: لا، الأفضل أن تخفف، وفي الصيام رخَّص صلى الله عليه وسلم لأمته أن يواصلوا إلى السَّحَر، وندبهم إلى أن يفطروا من حين غروب الشمس، فصام رجلان أحدهما امتد صومه إلى السحور والثاني أفطر من حين غابت الشمس، فأيهما أفضل؟ الثاني أفضل بلا شك، والأولوإن كان لا ينهى عنه فإنه جائز ولكنه غير مشروع، فانتبه لهذا { أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ولذلك تجد النبي صلى الله عليه وسلم يفعل من العبادات ما كان أحسن: يحث على اتباع الجنائز وتمر به الجنائز ولا يتبعها، يحث على أن نصوم يوماً ونُفطِر يوماً ومع ذلك هو لا يفعل هذا، بل كان أحياناً يطيل الصوم حتى يقال: لا يفطر، وبالعكس يفطر حتى يقال: لا يصوم، كل هذا يتبع ما كان أرضى لله وأصلح لقلبه.([18])
ثانيا :حُكمُ تأخيرِ الاستثناءِ عن المُستَثْنى منهُ
قال الله تعالى : ﴿ وَ لاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِني فَاعِلٌ ذٰلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ وَ ٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾
[الكهف : 23-24] .
قال العلاّمة محمّد الأمين الشّنقيطيّ في أضواء البيان ( 3/255) : ''اشتهر على ألسنة العلماء عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّه استنبط من هذه الآية الكريمة أنّ الاستثناء يصحّ تأخيره عن المستثنى منه زمناً طويلاً ، قال بعضهم : إلى شهرٍ ، و قال بعضهم : إلى سنةٍ ، و قال بعضهم عنه : له الاستثناء أبداً ، و وجه أخذه ذلك من الآية أنّ الله تعالى نهى نبيّه أن يقول : إنّه سيفعل شيئاً في المستقبل إلاّ من الاستثناء ب ( إن شاء الله)، ثمّ قال : ﴿ وَ ٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ﴾ ، أي إن نسيت أن تستثنيَ ب ( إن شاء الله )فاستثن إذا تذكّرتَ من غير تقييدٍ باتّصالٍ و لا قربٍ ، و التّحقيق الّذي لا شكّ فيه أنّ الاستثناء لا يصحّ إلاّ مقترناً بالمستثنى منه ، و أنّ الاستثناء المتأخّر لا أثر له و لا تحلّ به اليمين ، و لو كان الاستثناء المتأخّر يصحّ لما عُلم في الدّنيا أنّه تقرّر عقدٌ و لا يمينٌ و لا غير ذلك ؛ لاحتمال طُرُوِّ الاستثناء بعد ذلك ، و هذا في غاية البطلان كما ترى ، و يُحكى عن المنصور أنّه بلغه أنّ أبا حنيفة رحمه الله يخالف مذهب ابن عبّاسٍ المذكور ، فاستحضره لينكر عليه ذلك ، فقال الإمام أبو حنيفة للمنصور : هذا يرجع عليك ؛ لأنّك تأخذ البَيْعة بالأيمان ، أفترضى أن يخرجوا من عندك فيستثنوا فيخرجوا عليك ؟! فاستحسن كلامه و رضي عنه .
فائدةٌ :
قال ابن العربي المالكي : سمعتُ فتاةً ببغداد تقول لجارتها : لو كان مذهب ابن عبّاسٍ صحيحاً في الاستثناء ما قال الله تعالى لأيّوب : ﴿وَ خُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَٱضْرِب بهِ وَ لاَ تَحْنَثْ ﴾ (ص : 44 ) ، بل يقول : استثن ب ( إن شاء الله ) ، انتهى منه بواسطة نقل صاحب ( نشر البنود ) في شرح قوله في ( مراقي السّعود) :
بشركةٍ و بالتّواطي قالا **** بعضٌ و أوجب فيه الاتّصالا
و في البواقي دون ما اضطرارِ **** و أَبْطِلَنْ بالصّمت للتّذكار
فإن قيل : فما الجوابُ الصّحيح عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما فيما نُسب إليه من القول بصحّة الاستثناء المتأخِّر ؟
فالجواب أنّ مراد ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما أنّ الله عاتب نبيّه على قوله : سيفعل كذا غداً ، و لم يقل : إن شاء الله ، و بيّن له أنّ التّعليق بمشيئة الله هو الّذي ينبغي أن يَفْعَل ؛ لأنّه تعالى لا يقع شيءٌ إلاّ بمشيئته ، فإذا نسيَ التّعليق بالمشيئة ثمّ تذكّرَ – و لو بعد طولٍ – فإنّه يقول : إن شاء الله ، ليخرج بذلك من عهدة عدم التّعليق بالمشيئة ، و يكون قد فوّض الأمر إلى من لا يقع إلاّ بمشيئته ، فنتيجة هذا الاستثناء هي الخروج من عهدة تركه الموجب للعتاب السّابق ، لا أنّه يحلّ اليمين ؛ لأنّ تداركها قد فات بالانفصال ، هذا هو مراد ابن عبّاسٍ كما جزم به الطّبريّ و غيره ، و هذا لا محذور فيه و لا إشكال ، و أجاب بعض أهل العلم بجوابٍ آخر ، و هو أنّه نوى الاستثناء بقلبه و نسي النّطق بلسانه ، فأظهر بعد ذلك الاستثناء الّذي نواه وقت اليمين ، هكذا قاله بعضهم ، و الأوّل هو الظّاهر ، و العلم عند الله تعالى([19]) .
ثالثا : سر زيادة لفظ (لك)
إن هذا السر البديع الذي احتوته هذه الآية يكمن في أن[ الجدال يُزيل بعض الحواجز و يجرّئ على العتاب ، كما حصل بين موسى و الخضر عليهما السّلام فقد أخبر الله عزّ وجلّ أنّ الخضر صلّى الله عليه و سلّم قال لموسى صلّى الله عليه و سلّم لمّا عصاه أوّل مرّةٍ : ﴿ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ [الكهف : 72 ] ، فلمّا عصاه في المرّة الثّانية ، قال له : ﴿ أَلَمْ أَقُلْ لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ﴾ [الكهف : 75 ] ، و الفرق في الجملتين في زيادة لفظ ﴿ لَّكَ ﴾ في المرّة الثّانية ، و التّي تفيد مواجهة المخاطَب نفسه ؛ كما يفعل مع من يُنهى عن فعلٍ ثمّ يعود إليه ([20] )، " و إنّما زاد ههنا ﴿ لَّكَ ﴾ لأنّ الإنكار أكثرُ و موجبَ العتابِ أقوى ، و قيل : أكّد التّقرير الثّاني بقوله :﴿ لَّكَ ﴾ كما تقول لمن توبُّخه : ( لك أقول و إيّاك أعني ! )'' ([21] )، و قال ابن الجوزي : " و سمعت أبا محمّدٍ الخشّابَ يقول : وقَّرَه في الأوّل فلم يواجهه بكاف الخطاب ، فلمّا خالف في الثّاني واجهه بها " ([22])].([23])
رابعا : الفرق بين اسطاعوا و استطاعوا
قوله تعالى : (قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)[الكهف :67] و قوله : (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) [الكهف :82] . و قوله : (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )
[الكهف : 97].
نلاحظ هنا أنه يوجد فرق بين اسطاعوا و استطاعوا و هنا يجب الإشارة إلى قاعدة مهمة و هي الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى ، فاسطاعوا هي تخفيف لاستطاعوا ، أي اسطاعوا تأتي للأمر السهل و استطاعوا للأمر الصعب ، فقوله تعالى : (إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا) فالخضر قال لموسى عليه السلام في بداية الأمر لن تستطيع لأنه يعلم أن موسى سيشق عليه الأمر و لن يكون قادرا على تحمل ما سيريه إياه الخضر ، و بعد أن فعل الخضر ما فعل و بدأ موسى عليه السلام بالإنكار عليه ذكره بقوله : (أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا)[الكهف : 72] لأن الأمر صعب و فيه مشقة ، و بعد أن قام الخضر بتوضيح ما فعله لموسى عليه السلام قال له : (وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا ) ، أي بعد مازال ما كان يستشكله موسى عليه السلام و فهم ما وقع من الخضر حاطبه بـ
لم تسطع ) لأنه في المرة الأولى كانت مشقة فقال : ( لن تستطيع) و في المرة الثانية لما سهُل الأمر على موسى عليه السلام قال له ( ما لم تسطع ).
وقوله تعالى : (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا )، (فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ) بمعنى أن يتسلقوه و يصعدوا عليه ، و(مَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا ) أي لأنه صلب من حديد و نحاس لم يستطيعوا نقبه ، إذا نقول التسلق أسهل من النقب و لهذا جاءت ( اسطاعوا ) عند الصعود ، و ( استطاعوا ) عند النقب ، و الله تعالى أعلم.([24] )
خامسا : فضيلة العلم والرحلة في طلبه و بيان ما يجوز عند السفر لأجل تحصيله :
إن السفر لطلب العلم مرغب فيه شرعاً، وقد كثر في كلام المحدثين وحياتهم الدراسية الاهتمام بالرحلة في طلب العلم و قد امتاز هؤلاء بحبهم للرحلة في طلب العلم والإسناد العالي ، فترى أحدهم يسافر من بلد إلى بلد ليجلس بين يدي أحد العلماء الكبار ليأخذ عنه حديثاً أو حديثين لا يجدهما عند غيره من العلماء و لمزيد من التوسع اقرأ كتاب (الرحلة في طلب العلم للخطيب البغدادي) ، و هذه القصة الجليلة التي ذكرها ربنا عزوجل في سورة الكهف لخير دليل على أهمية السفر للطلب العلم فقد قال العلامة السعدي رحمه الله : '' وفي هذه القصة العجيبة الجليلة ، من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، ننبه على بعضه بعون الله. فمنها فضيلة العلم والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقي النصب في طلبه، وترك القعود عند بني إسرائيل، لتعليمهم وإرشادهم، واختار السفر لزيادة العلم على ذلك.
ومنها: البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل. ''([25])
قلت : و مما يدل على أهمية طلب العلم ما جاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، فعن كَثِيرِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِساً عِنْدَ أَبِي الدَّرْدَاءِ فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ أَتَيْتُكَ مِنَ الْمَدِينَةِ مَدِينَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُ بِهِ عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قَالَ : فَمَا جَاءَ بِكَ تِجَارَةٌ ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : وَلاَ جَاءَ بِكَ غَيْرُهُ ؟ قَالَ : لاَ ، قَالَ : فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : '' مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ طَالِبَ الْعِلْمِ يَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانِ فِي الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ هُمْ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا ، إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ''([26] ) ، و لأهمية طلب العلم الشرعي و تمام الفائدة سأنقل لكم كلام ابن القيم الجوزية رحمه الله حيث قال : '' وهو الحاكم ، المفرق بين الشك واليقين , والغي والرشاد , والهدى والضلال , وبه يُعرف الله ، ويُعبد ، ويُذكر ، ويُوحد ، ويُحمد ، ويُمجد , وبه اهتدى إليه السالكون , ومن طريقه وصل إليه الواصلون , ومن بابه دخل عليه القاصدون ، به تُعرف الشرائع والأحكام ، ويتميز الحلال من الحرام , وبه توصل الأرحام , وبه تعرف مراضي الحبيب ، وبمعرفتها ومتابعتها يوصل إليه من قريب , وهو إمام ، والعمل مأموم , وهو قائد ، والعمل تابع , وهو الصاحب في الغربة والمحدث في الخلوة ، والأنيس في الوحشة , والكاشف عن الشبهة , والغني الذي لا فقر على من ظفر بكنزه , والكنف الذي لا ضيعة على من آوى إلى حرزه ؛ مذاكرته تسبيح , والبحث عنه جهاد , وطلبه قُربة , وبذله صدقة , ومدارسته تعدل بالصيام والقيام , والحاجة إليه أعظم منها إلى الشراب والطعام ، قال الإمام أحمد رضي الله عنه : " الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب ؛ لأن الرجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين , وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه " , وروِّينا عن الشافعي رضي الله تعالى عنه أنه قال : " طلب العلم أفضل من صلاة النافلة "([27] ).
و من الفوائد التي تستفاد عند الرحلة في طلب العلم اتخاذ الخادم فقد قال السعدي رحمه الله : '' ومنها- أي الفوائد-: جواز أخذ الخادم في الحضر والسفر لكفاية المؤن، وطلب الراحة، كما فعل موسى.''
ومنها- الفوائد-:'' أن المسافر لطلب علم أو جهاد أو نحوه، إذا اقتضت المصلحة الإخبار بمطلبه، وأين يريده، فإنه أكمل من كتمه، فإن في إظهاره فوائد من الاستعداد له عدته، وإتيان الأمر على بصيرة، وإظهارًا لشرف هذه العبادة الجليلة، كما قال موسى: (لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا )
وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه حين غزا تبوك بوجهه، مع أن عادته التورية، وذلك تبع للمصلحة. ''([28])
أقول : فلا ريب إذا أن العلم الشرعي هو أفضل العلوم و أشرفها خاصة إذا كانت النية خالصة لله عزوجل فنسأل الله أن يرزقنا الإخلاص و يجنبنا الرياء.
سادسا : إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان و التأدب مع الله عزوجل:
قال الشيخ أبي عبد المعز محمد علي فركوس : ''فما تدلُّ عليه النصوص الشرعية أنَّ الخير يضاف إلى الله تعالى، والشرَّ ينفى عنه، فلا يوصف الله سبحانه بالشرِّ ولا يفعله ولا يتسمَّى به مطلقًا بأيِّ وجهٍ من الوجوه''([29]) ، و قال السعدي : '' ومنها: إضافة الشر وأسبابه إلى الشيطان، على وجه التسويل والتزيين، وإن كان الكل بقضاء الله وقدره، لقول فتى موسى: (وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ).''([30])
أقول : و مثل هذا ما أخبر به ربنا تبارك و تعالى على لسان الجن حين قالوا : (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا)[الجن :10]. وهنا نكتة جميلة فالجن لما ذكروا الشر لم يضيفوه لله عزوجل بل قالوا : (لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الأَرْضِ) و هذا فيه أدب مع الله عزوجل ، و لما قالوا : (أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا) أضافوا الرشد لله عزوجل لأن الله تبارك و تعالى لا يأتي منه إلا الخير ، و قد قال السعدي : '' ومنها: استعمال الأدب مع الله تعالى في الألفاظ، فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله (فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا )وأما الخير، فأضافه إلى الله تعالى لقوله: (فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ ) كما قال إبراهيم عليه السلام (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ )وقالت الجن: (وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا ) مع أن الكل بقضاء الله وقدره''([31])، [هذا، وليس معنى نفي إضافة الشرِّ إلى الله تعالى هو نفيَ كونه مخلوقًا بأمره وإرادته، بل الشرُّ هو داخلٌ في عموم مخلوقاته ومفعولاته، واللهُ سبحانه لا يوصف بشيءٍ من مخلوقاته، وإنما يوصف بفعله وخلقه، قال ابن القيِّم رحمه الله: ''وهو سبحانه خالق الخير والشرِّ، فالشرُّ في بعض مخلوقاته لا في خلقه وفعله، وخلْقُه وفعلُه وقضاؤه وقدره خيرٌ كلُّه، ولهذا تَنَزَّه سبحانه عن الظلم الذي حقيقتُه وضعُ الشيء في غير موضعه -كما تقدَّم-، فلا يضع الأشياءَ إلا في مواضعها اللائقة بها وذلك خيرٌ كلُّه، والشرُّ وضع الشيء في غير محلِّه، فإذا وُضع في محلِّه لم يكن شرًّا، فعُلم أنَّ الشرَّ ليس إليه''([32]) ، كما أنَّ الله تعالى لم يخلقِ الشَّرَّ محضًا مطلقًا من جميع الوجوه، وإنما هو نسبيٌّ إضافيٌّ، ويؤكِّد هذا المعنى ما نصَّ عليه ابن أبي العزِّ رحمه الله بقوله: '' فاعلم أنَّ الشرَّ كلَّه يرجع إلى العدم، أعني عدمَ الخير وأسبابِه المفضية إليه، وهو من هذه الجهة شرٌّ، وأمَّا من جهة وجوده المحض فلا شرَّ فيه، مثالُه أنَّ النفوس الشِّرِّيرة وجودُها خيرٌ من حيث هي موجودةٌ، وإنما حصل لها الشرُّ بقطع مادَّة الخير عنها، فإنها خُلقت في الأصل متحرِّكةً، فإن أُعينتْ بالعلم وإلهام الخير تحرَّكت به، وإن تُركت تحرَّكت بطبعها إلى خلافه، وحركتُها من حيث هي حركةٌ خيرٌ، وإنما تكون شرًّا بالإضافة لا من حيث هي حركةٌ، والشرُّ كلُّه ظلمٌ، وهو وضعُ الشيء في غير محلِّه، فلو وُضع في موضعه لم يكن شرًّا، فعُلم أنَّ جهة الشرِّ فيه نسبيةٌ إضافيةٌ، ولهذا كانت العقوبات الموضوعة في محالِّها خيرًا في نفسها، وإن كانت شرًّا بالنسبة إلى المحلِّ الذي حلَّت به لِما أحدثت فيه من الألم الذي كانت الطبيعةُ قابلةً لضدِّه من اللذَّة المستعدَّة له، فصار ذلك الألم شرًّا بالنسبة إليها، وهو خيرٌ بالنسبة إلى الفاعل حيث وضَعَه في موضعه، فإنه سبحانه لم يخلق شرًّا محضًا من جميع الوجوه والاعتبارات، فإنَّ حكمته تأبى ذلك، فلا يكون في جناب الحقِّ تعالى أن يريد شيئًا يكون فسادًا من كلِّ وجهٍ لا مصلحةَ في خلقه بوجهٍ ما، هذا من أبين المُحال، فإنه سبحانه الخيرُ كلُّه بيديه والشرُّ ليس إليه، بل كلُّ ما إليه فخيرٌ، والشرُّ إنما حصل لعدم هذه الإضافة والنسبة إليه، فلو كان إليه لم يكن شرًّا، فتأمَّلْه. فانقطاع نسبته إليه هو الذي صيَّره شرًّا''([33])]([34])
سابعا : جواز إخبار الإنسان بما وقع له من نصب و جوع :
يجوز للإنسان أن يخبر بما ناله من ألم، إذا لم يكن ذلك على سبيل التشكي وعدم الرضاء و هذا ما وقع في قصة موسى عليه السلام فقد قال العلامة السعدي رحمه الله : ''ومنها: جواز إخبار الإنسان عما هو من مقتضى طبيعة النفس، من نصب أو جوع، أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط وكان صدقا، لقول موسى: (لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا )'' ([35])
و في الحديث الذي رواه الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: '' خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ساعة لا يخرج فيها، ولا يلقاه فيها أحد، فأتاه أبو بكر فقال:ما جاء بك يا أبا بكر؟. فقال: خرجت ألقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانظر في وجهه والتسليم عليه. فلم يلبث أن جاء عمر فقال: ما جاء بك يا عمر؟قال: الجوع يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأنا قد وجدت بعض ذلك، فانطلقوا إلى منزل أبي الهيثم بن التيهان الأنصاري، وكان رجلاً كثير النخيل والشاء، ولم يكن له خدم فلم يجده، فقالوا لامرأته: أين صاحبك؟ فقالت: انطلق يستعذب لنا الماء، فلم يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها فوضعها، ثم جاء يلتزم النبي - صلى الله عليه وسلم- ويفدِّيه بأبيه وأمه، ثم انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطاً، ثم انطلق إلى نخلة فجاء بقنو فوضعه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفلا تنقيت لنا من رطبهفقال: يا رسول الله! إني أردت أن تختاروا أو قال: تخيروا من رطبه وبسره، فأكلوا وشربوا من ذلك الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، ظل بارد، ورطب طيب، وماء باردفانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاماً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:لا تذبحن ذات درقال: فذبح لهم عناقاً أو جدياً فأتاهم بها فأكلوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل لك خادم؟قال: لا. قال :فإذا أتانا سبي فأتنافأُتي النبي - صلى الله عليه وسلم- برأسين ليس معهما ثالث فأتاه أبو الهيثم، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم:اختر منهمافقال: يا نبي الله! اختر لي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم:إن المستشار مؤتمن، خذ هذا فإني رأيته يصلي، واستوص به معروفاًفانطلق أبو الهيثم إلى امرأته، فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلمفقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم- إلا أن تعتقه، قال: فهو عتيق!! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يبعث نبياً ولا خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالاً، ومن يوق بطانة السوء فقد وقي'' ([36])
أقول : و من فوائد الحديث جواز الإخبار عن الضر .
ثامثا : استحباب اتخاذ خادم ذكي مع حسن معاملته :
و من الفوائد التي تستفاد من هذه القصة : '' استحباب كون خادم الإنسان، ذكيا فطنا كيسا، ليتم له أمره الذي يريده. '' و '' استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا، لأن ظاهر قوله:
(آتِنَا غَدَاءَنَا )إضافة إلى الجميع، أنه أكل هو وهو جميعا. ''([37])
تاسعا : آداب طالب العلم
إن لطلب العلم جملةً من الآداب ينبغي على من طلب العلم أن يتحلى بها و هذه القصة العظيمة قد حوت جميع الآداب سنذكرها فيما يلي :
التأدب مع المعلم :
فعلى [الطالب التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام:
(هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ) فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هم وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم]([38]).
أقول : [بما أن العلم لا يؤخذ ابتداءً من الكتب ، بل لابد من شيخ تتقن عليه مفاتيح الطلب ، لتأمن من الزلل ، فعليك إذاً بالأدب معه ، فإن ذلك عنوان الفلاح والنجاح ، والتحصيل والتوفيق . فليكن شيخك محل إجلال منك وإكرام وتقدير وتلطف ، فخذ بمجامع الأدب مع شيخك في جلوسك معه ، والتحدث إليه ، وحسن السؤال ، والاستماع ، وحسن الأدب في تصفح الكتاب أمامه ، وترك التطاول والمماراة أمامه ، وعدم التقدم عليه بكلام أو مسير أو إكثار الكلام عنده ، أو مداخلته في حديثه ودرسه بكلام منك ، أو الإلحاح عليه في جواب ، متجنباً الإكثار من السؤال لا سيما مع شهود الملأ ؛ فإن هذا يوجب لك الغرور وله الملل ، ولا تناديه باسمه مجرداً ، أو مع لقبه بل قل : " يا شيخي ، أو يا شيخنا " .
وإذا بدا لك خطأ من الشيخ ، أو وهم فلا يسقطه ذلك من عينك ، فإنه سبب لحرمانك من علمه ، ومن ذا الذي ينجو من الخطأ سالماً .]([39] ).
التواضع في طلب العلم :
إن تواضع طالب العلم من أهم الخصال التي يجب أن يمتاز بها طالب العلم ، قال وكيع'': لا يكون الرجل عالماً حتى يحدث عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه'' ، فينبغي لطالب العلم ألا يستنكف أن يستفيد ما لا يعلمه ممن هو دونه منصباً أو نسباً أو سناً، بل يكون حريصاً على الفائدة حيث كانت، والحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها ، و في هذه القصة تجد تواضع من هو أفضل منا بكثير و هو نبي الله موسى عليه السلام ، فهذا هو [تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى -بلا شك- أفضل من الخضر]([40]) فلا بد من[ تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه، ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.
فإن موسى عليه السلام من أولي العزم من المرسلين، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر، ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه.
فعلى هذا، لا ينبغي للفقيه المحدث، إذا كان قاصرا في علم النحو، أو الصرف، أو نحوه من العلوم، أن لا يتعلمه ممن مهر فيه، وإن لم يكن محدثا ولا فقيها]([41])
الصبر على الطلب :
إن طلب العلم من معالي الأمور ، والعُلَى لا تُنال إلا على جسر من التعب لهذا كان الصبر على الطلب لا بد منه و[ من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر -يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه- إنه لا يصبر معه]([42]) ،و على الطالب أن يعلم [ أن السبب الكبير لحصول الصبر، إحاطة الإنسان علما وخبرة، بذلك الأمر، الذي أمر بالصبر عليه، وإلا فالذي لا يدريه، أو لا يدري غايته ولا نتيجته، ولا فائدته وثمرته ليس عنده سبب الصبر لقوله: (وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا ) فجعل الموجب لعدم صبره، وعدم إحاطته خبرا بالأمر]([43]) و قال ابن القيمفي مدارج السالكين : سمعت شيخ الإسلام ابن تيميةقدس الله روحه يقول: بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين، ثم تلا قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ )[السجدة:24] ، و قال ابن سعدي'' : على أن من جدّ واجتهد في طلب العلم الشرعي؛ فإنه يحصل له من الهداية والمعونة على تحصيل مطلوبه أمور إلهية خارجة عن مدرك اجتهاده، وتيسر له أمر العلم، فإن طلب العلم الشرعي من الجهاد في سبيل الله، بل هو أحد نوعي الجهاد الذي لا يقوم به إلا خواص الخلق؛ وهو الجهاد بالقول واللسان للكفار والمنافقين، والجهاد على تعليم أمور الدين، وعلى رد نزاع المخالفين للحق ولو كانوا مسلمين، فلا بد لطالب العلم من مجاهدة النفس والصبر والمصابرة''.
قال الشاعر :
دببت للمجد والساعون قد بلغوا *** جُهد النفوس وألقـوا دونـه الأُزرا
وكابدوا المجد حتى ملَّ أكثرُهُم *** وعانق المجد من أوفى ومن صبرا
لا تحسبن المجد تمراً أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تَلْعَقَ الصَـبِرَا
الحرص على تعلم العلم النافع و إضافته و غيره من الفضائل لله تعالى :
يجب على طالب العلم أن يحرص على تعلم العلم النافع ذلك [ أن العلم النافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: (أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا )]([44]) ، و مع حرصك على تعلم العلم النافع لا تنسى [إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى، والإقرار بذلك، وشكر الله عليها لقوله: (تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ ) أي: مما علمك الله تعالى]([45]).
ترك الإبتداء في السؤال عن بعض الأشياء :
ليعلم الطالب [أن المعلم إذا رأى المصلحة في إيزاعه للمتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء، حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها، فإن المصلحة تتبع، كما إذا كان فهمه قاصرا، أو نهاه عن الدقيق في سؤال الأشياء التي غيرها أهم منها، أو لا يدركها ذهنه، أو يسأل سؤالا لا يتعلق في موضع البحث]([46]) ، و كذلك [الأمر بالتأني والتثبت، وعدم المبادرة إلى الحكم على الشيء، حتى يعرف ما يراد منه وما هو المقصود]([47])
عاشرا: تعليق الأمور المستقبيلة بالمشيئة :
على المسلم أن [تعليق الأمور المستقبلية التي من أفعال العباد بالمشيئة، وأن لا يقول الإنسان للشيء: إني فاعل ذلك في المستقبل، إلا أن يقول (إِنْ شَاءَ اللَّهُ )]([48]) ، و قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله رحمه الله: ''ومنها جواز قول الإنسان سأفعل في المستقبل إذا قال ستأتينا غدا قال سآتيك وإن لم يقل إن شاء الله فإن قال قائل ما الجمع بين هذا وبين قوله تعالى: ( ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله)لشيء عام سواء من فعل الله أو من فعلك قلنا إن الذي يقول سآتيك غدا له نيتان النية الأولى أن يقول هذا جازما بالفعل فهذا لا يقوله إلا أن يقول إن شاء الله لأنه لا يدري أيأتي عليه الغد أو لا ولا يدري هل إذا أتى عليه الغد يكون قادرا على الإتيان إليه أو لا ولا يدري إذا كان قادرا يحول بينه وبينه مانع أو لا النية الثانية إذا قال سأفعل يريد أن يخبر عما في قلبه من الجزم دون أن يقصد الفعل فهذا لا بأس به لأنه يتكلم عن شيء حاضر مثل لو قيل لك هل ستسافر مكة قلت نعم سأسافر تريد أن تخبر عما في قلبك من الجزم هذا شيء حاضر حاصل أما إن أردت الفعل أنك ستفعل يعني سيقع منك هذا فهذا لا تقل فيه سأفعل إلا مقرونا بمشيئة الله ''. ([49]) ، و قد تكون على شيء آخر كالعزم على فعل الشيء، ليس بمنزلة فعله، فإن موسى قال: (سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا )فوطن نفسه على الصبر ولم يفعل ([50]).
الحادي عشر: الأخلاق الحسنة
من بين الأخلاق الحسنة التي جاءت في هذه القصة[ أن الناسي غير مؤاخذ بنسيانه لا في حق الله، ولا في حقوق العباد لقوله : (لا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ ) ، أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم، العفو منها، وما سمحت به أنفسهم، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون، أو يشق عليهم ويرهقهم، فإن هذا مدعاة إلى النفور منه والسآمة، بل يأخذ المتيسر ليتيسر له الأمر]([51])
الثاني عشر : الأمور تجري أحكامها على ظاهرها
نستفيد كذلك من القصة [ أن الأمور تجري أحكامها على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية، في الأموال، والدماء وغيرها، فإن موسى عليه السلام، أنكر على الخضر خرقه السفينة، وقتل الغلام، وأن هذه الأمور ظاهرها، أنها من المنكر، وموسى عليه السلام لا يسعه السكوت عنها، في غير هذه الحال، التي صحب عليها الخضر، فاستعجل عليه السلام، وبادر إلى الحكم في حالتها العامة، ولم يلتفت إلى هذا العارض، الذي يوجب عليه الصبر، وعدم المبادرة إلى الإنكار]([52])
الثالث عشر : قواعد كبيرة جليلة
ذكر العلامة السعدي رحمه الله عدة قواعد جليلة سنذكرها فيما يلي :
يدفع الشر الكبير بارتكاب الشر الصغير:
وهنا [ ويراعي أكبر المصلحتين، بتفويت أدناهما، فإن قتل الغلام شر، ولكن بقاءه حتى يفتن أبويه عن دينهما، أعظم شرا منه، وبقاء الغلام من دون قتل وعصمته، وإن كان يظن أنه خير، فالخير ببقاء دين أبويه، وإيمانهما خير من ذلك، فلذلك قتله الخضر، وتحت هذه القاعدة من الفروع والفوائد، ما لا يدخل تحت الحصر، فتزاحم المصالح والمفاسد كلها، داخل في هذا]([53])
عمل الإنسان في مال غيره :
و لا يكون إلا [إذا كان على وجه المصلحة وإزالة المفسدة، أنه يجوز، ولو بلا إذن حتى ولو ترتب على عمله إتلاف بعض مال الغير"كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم. فعلى هذا لو وقع حرق، أو غرق، أو نحوهما، في دار إنسان أو ماله، وكان إتلاف بعض المال، أو هدم بعض الدار، فيه سلامة للباقي، جاز للإنسان بل شرع له ذلك، حفظا لمال الغير، وكذلك لو أراد ظالم أخذ مال الغير، ودفع إليه إنسان بعض المال افتداء للباقي جاز، ولو من غير إذن]([54]).
هذه بعض الفوائد من هذه السورة العظيمة الجليلة و لمن أراد التوسع أكثر فليرجع لتفسير العلامة السعدي فإني لم أذكر كل الفوائد التي ذكرها اختصارا للموضوع ، فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمن نفسي و من الشيطان فنسأل الله تبارك و تعالى أن يتجاوز عنا أخطائنا كما أسأله سبحانه أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم و أن ينفع به الإسلام و المسلمين و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
.
أبو عبد الله بلال الجزائري
قسنطينة/الجزائر
[1]: انظر الدر المنثور للسيوطي (9/473).
[2]: مقدمة تفسير سورة الكهف للشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
[3]: رواه الدارمي ( 3407 ) . والحديث : صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ( 6471 ) .
[4]: رواه الحاكم ( 2 / 399 ) والبيهقي ( 3 / 249 ) . و قال فيه ابن حجر في تخريج الأذكار : '' حديث حسن ''، وقال : '' وهو أقوى ما ورد في قراءة سورة الكهف ''. انظر فيض القدير ( 6 / 198 ) . والحديث صححه الشيخ الألباني في صحيح الجامع ( 6470 ) .
[5]: الترغيب والترهيب ( 1 / 298 ) . قال المنذري : رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره بإسناد لا بأس به
[6]: رواه مسلم.
[7]: انظر الصحيحة برقم( 582)
[8]: صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم( 2651)
[9]: وهذا الحديث ضعيف جداَ وانظر ضعيف الجامع الصغير ( 2160)
[10]: سلسلة الأحاديث الضعيفة برقم( 3259)
[11]: ضعيف انظر المشكاة برقم (2088).
[12]: تفسير ابن كثير (5/136)ط.دار طيبة.و الدر المنثور(9/479-480) إلا أن سنده فيه كلام : فقد قال محمد بن إسحاق : حدثني شيخ من أهل مصر قدم علينا منذ بضع و أربعين سنة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : وذكر القصة .
وهذا الشيخ لا يدرى من هو؟
[13]: الدر المنثور للسيوطي (9/480-481).
[14]: تفسير ابن كثير(5/137)
[15]: الدر المنثور(9/485).
[16]: تفسير ابن عثيمين رحمه الله.
[17]:مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمة (18/250). و انظر تفسير البغوي (5/124-125).
[18]: تفسير ابن عثيمين رحمه الله تعالى.
[19]: من كل سورة فائدة لعبد المالك رمضاني (142-143-144)
[20]: انظر درّة التّنزيل و غرّة التّأويلللخطيب الإسكافي ( ص :285 )
[21]: انظر تفسير غرائب القرآن و رغائب الفرقان لنظام الدّين النّيسابوري ( 4/450 )
[22]: زاد المسير ( 5/174 )، و انظر عناية القاضي و كفاية الرّاضي لشهاب الدّين الخَفَاجي في حاشيته على تفسير البيضاوي ( 6/124 ) وكشف المعاني في المتشابه و المثاني لابن جماعة ( ص 248 ) و روح المعاني للألوسي ( 16/2)
[23]: بواسطة من كل سورة فائدة لعبد المالك رمضاني (124-125).
[24]: تنبيه قرأت في بعض المنتديات قول بعضهم :'' وهذه قمة في البلاغة اللغوية تشير إلى أنّ موسى استصعب أمرا لم يكن صعبا وإنّما كان يحتاج للصبر ومعروف عن موسى عليه السلام أنّه كان متسرّعا وغير صبور'' فعلى قائل هذا الكلام أن يتوب إلى الله عزوجل فلا يحق له أن يصف نبي من أنبياء الله بالتسرع و عدم الصبر فهذا الكلام لا بد و أن يكون من قطبي محترق و إلا كيف تبلغ به الحماقة و السذاجة أن يتكلم على نبي من أولي العزم بهذا الطريقة ؟ أليس مسدد بالوحي حتى يتسرع ؟ أليس الأنبياء هم قدوتنا في الصبر ؟ أتصبر أيها المتهوك لربع ما وقع لموسى عليه السلام من قبل فرعون الهالك ؟ ، و منهم من قال أن موسى عليه السلام تكبر و ظن نفسه أعلم أهل الأرض فدله الله على الخضر حتى يعرف قيمة نفسه و غيرها من الأباطيل ، و السؤال هنا كيف لنبي من أنبياء الله أن يتكبر ؟ أيعقل هذا الكلام ؟ و الله أمركم لعجيب فاتقوا الله عزوجل و تذكروا أنكم ستقفون بين يدي الله فكيف ستجيبونه؟فاللهم سلم سلم.
[25]: تفسير السعدي (ص: 507) ط/الرسالة.
[26]: رواه الترمذي (2682) وأبو داود (3641) وابن ماجه (223) ، وحسَّنه الألباني في صحيح الترغيب (1/17) .
[27]: مدارج السالكين ( 2 / 469 - 470 ) .
[28]: تفسير السعدي (ص: 507) ط/الرسالة.
[29]: الفتوى رقم
1123) الصنف: فتاوى العقيدة والتوحيد - الأسماء والصفات ، في نفي إضافة الشر إلى الله تعالى ، المصدر موقع الشيخ.
[30]: تفسير السعدي (ص: 507) ط/الرسالة.
[31]: تفسير السعدي(ص:509) .
[32]: شفاء العليل لابن القيم (179).
[33]: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (283-284).
[34]: الفتوى رقم
1123) الصنف: فتاوى العقيدة والتوحيد - الأسماء والصفات ، في نفي إضافة الشر إلى الله تعالى ، المصدر موقع الشيخ.
[35]: تفسير السعدي (ص: 507) ط/الرسالة.
[36]: رواه الترمذي برقم (2369) في كتاب الزهد و قال :'' هذا حديث حسن صحيح غريب''. وأورده النسائي مختصراً في السنن الكبرى برقم (11697). تفسير سورة التكاثر. وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/131).. وصححه الألباني في صحيح الجامع (2/1174) برقم (7001).
[37]: تفسير السعدي (ص: 508).
[38]: المصدر السابق.
[39]:انظر حلية طالب العلم للشيخ بكر أبو زيد رحمه الله تعالى.
[40]: تفسير السعدي (ص: 508)
[41]: المصدر السابق.
[42]:المصدر السابق.
[43]: المصدر السابق.
[44]: المصدر السابق.
[45]: المصدر السابق.
[46]: المصدر السابق.
[47]: نفس المصدر.
[48]: تفسير السعدي(ص:508)
[49]: شرح رياض الصالحين.
[50]: تفسير السعدي(ص:509).
[51]: المصدر السابق.
[52]: المصدر السابق.
[53]: نفس المصدر.
[54]: نفس المصدر.