منن الوهاب الرحمن على شيخنا ناصر السنة محمد بن هادي ورد عدوان صاحب الكشف البيان على أهل الإيمان
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه
أما بعد :
فلَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ يُعَظِّمُونَ نَقَلَةَ الْحَدِيثِ حَتَّى قَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إذَا رَأَيْت رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ فَكَأَنِّي رَأَيْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَإِنَّمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ هَذَا ؛ لِأَنَّهُمْ فِي مَقَامِ الصَّحَابَةِ مِنْ تَبْلِيغِ حَدِيثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا أَهْلُ الْحَدِيثِ حَفِظُوا فَلَهُمْ عَلَيْنَا الْفَضْلُ ؛ لِأَنَّهُمْ حَفِظُوا لَنَا "([1] )
قال الحافظ الخطيب البغدادي رحمه الله في "شرف أصحاب " (ص 97) : (( حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي ، قال : حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الخلال ، قال : أخبرنا أبو بكر المروذي ، أن أبا عبد الله ـ يعني أحمد بن حنبل ـ قال : ليس قوم عندي خير من أهل الحديث ، ليس يعرفون إلا الحديث .
فقال الخلال أخبرنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا أبو الحارث أنه سمع أبا عبد الله يقول : أهل الحديث أفضل من تكلم في العلم )) ا.هـ([2] )
فمن أولئك القافلة المباركة التي لازالت تسير ومتصلة بسلفها الصالح أهل الحديث والأثر منهجا وهديا وسمتا وعلما وأخلاقا شيخنا العلامة المجاهد محمد بن هادي المدخلي ـ حفظه الله ورعاه ـ فهذا الشيخ القدوة الهمام المربي كم غُصت بدروسه وتوجيهاته وردوده حلوق أهل البدع و الأهواء من الغلاة والمميعة، فقد أظهر الله تعالى به وكشف على يديه كثيرا من شبه وترهات أهل الأهواء والضلال ، فنفع الله به خلقه في مشارق الأرض ومغاربها جزاه الله عن أهل الإسلام خير الجزاء .
ومن المعلوم ولا يخفى على أهل البصيرة أن من " تحول لهذا السفر طلب رفيقا يأنس به في السفر فلم يجد إلا معارضا مناقضا أو لائما بالتأنيب مصرحا أو فارغا من هذه الحركة معرضا وليت الكل كانوا هكذا فلقد أحسن إليك من خلاك وطريقك ولم يطرح شره عليك "([3] ) ، ولكن ماذا يأتيك من المناوئين ، "ودوا لو تدهن فيدهنون"([4] )
وهكذا شيخنا محمد بن هادي ما سلم من سلاطة لسان القوم بالتسفيه تارة والطعن تارة والتكذيب تارة رفع الله قدره
ومن أولئك الدكتور إبراهيم بن عامر الرحيلي ـ أصلحه الله وهداه ـ ، فهذا الرجل في ردح من الزمن كنا نحسن فيه الظن ونسمع له بعض الأشرطة والدروس ونقرأ له بعض ما ألف وهو يدس ما يدس في هذه الدروس والأشرطة والكتب من السم القاتل للولاء والبراء والتميز السني الذي منّ الله تعالى به على أهل السنة والجماعة عن غيرهم من أهل الفرقة والبدعة ، حتى تصدى له مشايخنا الفضلاء الأمناء كل من ربيع بن هادي المدخلي وعبيد بن عبدالله الجابري ومحمد بن هادي المدخلي وعبدالله بن عبدالرحيم البخاري ـ حفظهم الله ـ ببيان خبايا عواره وحقيقة منهجه وخطورة سمه جزاهم الله خيرا ، فما كان منه إلا أن أقام الدنيا على شيخنا العلامة القدوة عبيد الجابري حفظه الله بالتجهيل والطعن واللمز ثم من بعده شيخنا العلامة القدوة محمد بن هادي المدخلي في كتابه " الكشف البيان " الذي ملأه بالطعن والتكذيب والتجهيل لشيخنا المبجل محمد رفع الله قدره ، واظهر لنا في هذين الردين حقيقة صفحته الخلقية المدعية والوسطية المزعومة ، وقد أحسن من قال
يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُعَلِّمُ غَيْرَهُ ..... هَلاَ لِنَفْسِك كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي السِّقَامِ وَذِي الضَّنا ... كَيْمَا يَصِحَّ بِهِ وَأَنْتَ سَقِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِك فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا .... فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يقبل ما وَعَظْتَ وَيُقْتَدَى ... بِالْعلمِ مِنْك وَيُنفع التَّعْلِيمُ
لاَ تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِيَ مِثْلَهُ.... عَارٌ عَلَيْك إذَا فَعَلْت عَظِيمُ
ومن ذلك ما قاله في ( ص 4 ) : (( ... وكثير منها من طعون محمد بن هادي في إبراهيم الرحيلي مصحوبا بتمجيد للرجل من الغوغاء والسفهاء وإضفاء الألقاب العظيمة عليه كالعلامة والإمام والمحدث وناصر السنة وقامع البدعة ...))
قلت :
فلينظر القارئ في هذا الأسلوب الاستفزازي الذي أظلمه وملأه بالطعن والتسفيه لأهل السنة والنيل من الشيخ بغير علم ولا عدل ، وذلك أن الشيخ محمدا لما عالج أخطاء الدكتور عالجها بعلم وعدل ، وبين مخالفته للسنة وانتقده في أخطائه التي جانب فيها منهج أهل الحق نصحا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين .
فكان من المفروض على الدكتور إن كان صاحب سنة ومن ذوي الأخلاق والآداب أن يرجع عن أخطائه ويتوب منها ويشكر من نبهه عليها ، لا أن يقيم هذه المعركة الجائرة البائرة على مشايخ السنة ، حتى يتعدى هذا الطعن إلى الأمة السنية التي مرجع دينها وفتواها إلى هؤلاء المشايخ ، وهذا الذي أوجبه الله تعالى عليها لقوله تعالى : {فسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون }[ النحل : 43 ]
وخير ما صنعت واقتدت ، فهم الذين حث الشارع على الرجوع إليهم ، وهم وإن نقلوا عن هؤلاء المشايخ فهم ينقلون عنهم بالدليل ، ألا يرضيك هذا يا شيخ !!؟ أتريد من الأمة الإسلامية أن ترجع إلى المأربي والحلبي وبن حنفية وو!!
ثم يا شيخ إبراهيم إن مشايخنا لما انتقدوك ، انتقدوك بالدليل بناء من لفظك وكلامك المشهور المنشور وما تقولوا عليك .
أيضا يا شيخ أنت تقول عن هؤلاء الذين يلقبون الشيخ بأنه علامة وناصر السنة ووومما ثبت عنه من تزكيات الأئمة له ، بأنهم سفهاء وغوغاء !!
لما لا يكون كذلك وقد شهد له بذلك أئمة السنة ، وعليه فالأمة في هذا ما هي إلا تبع لأئمتها ، فالطعن فيها ما هو إلا الطعن في مصدر هذه التزكيات التي منها :
1 ـ سماحة الشيخ شيخ الإسلام عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -
ذكره في المشايخ المعروفين في المدينة الذين ليس عنده فيهم شك، والذين هم من أهل العقيدة الطيبة، ومن أهل السنة والجماعة، المعروفون لديه بالاستقامة والعلم والعقيدة الطيبة.
وذكر له - رحمه الله - مجموعة من المشايخ، منهم الشيخ محمد بن هادي، فقال: هم من خواص إخواننا، هم من علماء السنة، ومن المعروفون لدينا بالاستقامة، وحسن السيرة، وبالعقيدة، والدعوة إلى الله عز وجل.
ونصح بالأخذ عنه، وبالدراسة عليه، والاستفادة منه.
2 ـ فضيلة الشيخ العلامة محمد أمان بن علي الجامي – رحمه الله تعالى-
قال عنه: هو طالب علم قوي في الحق، معروف، لا نزكيه على الله، لكن معرفتنا له أنه قوي صريح في الحق... الرجل فيما نعلم نزيه، داعية قوي في دينه حسب ما نعلم، والله هو العليم بنا وبه. وهو من الدعاة الذين ينبغي التعاون معهم، ولا ينبغي النيل لا منه ولا من أشرطته.
3 ـ فضيلة الشيخ العلامة مفتي جنوب المملكة أحمد بن يحيى النجمي - رحمه الله تعالى-
قال عنه: هو من أفضل العلماء، ومن أحسنهم، وصاحب سنة، ومن هو الذي يقول: لا يؤخذ عنه؟!
إلا أصحاب الحزبيات الذين يتكلمون في العلماء السلفيين.
وأنكر - رحمه الله - بشدة على أحد دعاة الضلالة في هولندا - أراحنا الله منهم - دعواه أن الشيخ محمد بن هادي ليس من العلماء وإنما هو طالب علم.
وذكر -رحمه الله- أن الشخ محمداً من علماء الجرح والتعديل في هذا الزمن.
وذكر مجموعة من المشايخ - من ضمنهم الشيخ محمد كان الله له - وقال: كلهم أهل سنة، وينبغي أن تأخذ أقوالهم، وأن تسمع لأشرطتهم، ولمحاضراتهم... هؤلاء على الحق، وعلى السنة وعلى الطريق المستقيم؛ يجب على طلاب العلم أن يسمعوا إلى أشرطتهم, وإلى محاضراتهم, وأن يحضروا دروسهم, وذلك من أجل أن ينتفعوا فتزول عنهم الشبه.
المصدر: (الفتاوى الجلية عن المناهج الدعوية /ص21 )
وهذه تزكية أخرى للعلامة أحمد بن يحيى النجمي –رحمه الله- للشيخ محمد بن هادي، وهي حقيقة تزكية عظيمة من مفتي جنوب المملكة:
قال حسن العراقي: سألت الشيخ أحمد النجمي محدث الجنوب عن العلماء الذين يرجع إليهم في النوازل، فذكر مجموعة من العلماء وذكر منهم الشيخ محمد المدخلي -سدده الله-.
المصدر: كتاب رؤية شرعية للفتن والنوازل في الساحة العراقية (ص50 / ح1).
4 ـ الشيخ العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي – حفظه الله–
ذكر أنه من علماء السنة والتوحيد، والقامعين للبدع
المصدر: مقال (براءة الأُمنَاء ممَّا يَبهتُهم به أهلُ المَهَانَة والخِيَانة الجُهلاَء)
5 ـ الشيخ العلامة عبيد بن عبد الله الجابري – حفظه الله–
ذكر أن عشرته للشيخ محمد عشرة سنوات طويلة، وأنه ما علم منه إلا السنة، وأنكر على من يتنقصه.([5] )
فإذا كان كذلك فما ذنب من شهد لشيخنا محمد بأنه من العلماء وأنه العلامة وأنه ناصر السنة وهو قد شهد له بذلك من هو أكبر منه ، و هو أهل لذلك وعلم الرجل وأعماله تزكيه
والله عجيب منك يا شيخ إبراهيم ما الذي ضرك من هذا ، هل دخلتك فتنة الحسد أو ماذا !!؟؟
فوقع للشيخ محمد معك ما وقع للإمام الألباني رحمه الله لما تكالب عليه الأعداء بالطعن واللمز فما كان منه إلا أن يقول في " السلسة الصحيحة " ( 1 / 4 ) : (( وقد يتسأل بعض القراء الألباء فيقول : ما الذي يحمل هؤلاء الجهلة على الرد على الألباني وقد وضع الله له القبول في الأرض بإذن تعالى وانتفع بكتبه ومؤلفاته من شاء الله من العلماء وطلاب العلم ؟
فأقول : هناك أسباب أهمها ـ ومن اهمها ـ الحسد مصداق قوله صلى الله عليه وسلم : " دب إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد والبغضاء والبغضاء هي الحالقة أما أني لا أقول : تحلق الشعر ولكن تحلق الدين " حديث حسن )) ا.هـ
والله إننا ننزهك عن هذا إلا فما دخل هذا الكلام في الرد العلمي أن كنت تريد العلم ونصر السنة !!
ثم يا شيخ ما سمعنا عنك ومنك ولو كلمة واحدة في تخريب وإفساد الحلبي وما عليه منتداه من الضلال وهو ملأن بالسفه والسفهاء والبدعة ، وهم قد رفعوك وعظموك لأنهم بحاجة من يأوي بدعتهم وينصرهم في ضلالهم ويكون معهم على أهل السنة والجماعة وقد وجدوا ضالتهم عندك، وكان عليك إن كنت صاحب سنة والغيرة المحمودة على السنة وأهلها ومن ذوي الأخلاق السنية أن توجه سهامك في أهل البدعة لا أهل السنة والغربة وتنصرهم لا أن تخذلهم والإمام سفيان الثوري رحمه الله يقول : " استوصوا بأهل السنة خيرا فإنهم غرباء " وقال : " إذا بلغك عن رجل بالمشرق صاحب سنة وآخر بالمغرب فابعث إليهما بالسلام وادع لهما ما أقل أهل السنة والجماعة " ([6] )
وقال الإمام الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث " (134): (( أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن إسحاق الكاتب ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن الحسن الصواف ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن الحسن القاضي ، قال : سمعت قتيبة بن سعيد ، يقول : « إذا رأيت الرجل ، يحب أهل الحديث ، مثل يحيى بن سعيد القطان ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ، وذكر قوما آخرين ، فإنه على السنة ومن خالف هذا فاعلم أنه مبتدع »
*أنشدني عبد الغفار بن محمد بن جعفر المكتب ، قال : أنشدنا عمر بن أحمد الواعظ قال : أنشدنا أحمد بن كامل لأبي جعفر الخواص :
ذهبت دولة أصحاب البدع .... ووهى حبلهم ثم انقطع
وتداعى بانصراف جمعهم .... حزب إبليس الذي كان جمع
هل لهم يا قوم في بدعتهم .... من فقيه أو إمام يتبع
مثل سفيان أخي ثور الذي .... علم الناس دقيقات الورع
أو سليمان أخي التيم ..... الذي ترك النوم لهول المطلع
أو فتى الإسلام أعني أحمدا ... ذاك لو قارعه القراء قرع
لم يخف سوطهم إذ خوفوا .... لا ولا سيفهم حين لمع )) ا.هـ
هذه وقفة يسيرة مني في الدفاع عن شيخنا ووالدنا العلامة المجاهد محمد بن هادي المدخلي وهذا قليل ما نقوم به في حقه لما هو يقوم به من الجهاد والتربية ولما له علينا من فضل الأبوة العلمية
قال يحيى بن معاذ الرازي رحمه الله: ((العلماء أرأف بأمة محمد صلى الله عليه وسلم من آبائهم وأمهاتهم، لأنهم يحفظونهم من نار الآخرة وأهوالها، وآباؤهم وأمهاتهم يحفظونهم من الدنيا وآفاتها ـ يعني إذا كانوا علماء ـ فإن الجهال لا يحفظونهم لا في الدنيا ولا في الآخرة.)) ([7] )
و قال الإمام أبو حنيفة في حق شيخه حماد رحمهما الله: ((ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والدي ، وإني لأستغفر لمن تعلمت منه علمًا أو علمته علمًا.)) ([8] )
والحمد لله رب العالمين
كتبه أخوكم في الله : بشير بن عبدالقادر بن سلة الجزائري
([1]) "مجموع الفتاوى " (ج 1 / ص 11) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
([2]) وذكر أيضا هذا العلامة ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في " الآداب الشرعية " ( 2 / 42 )
([3]) الرسالة التبوكية ( ص 223 ) للإمام ابن القيم رحمه الله
([4]) [القلم:9]
([5]) هذه التزكيات منقولة من " شبكة الإمام الآجري "
([6]) " اعتقاد أهل السنة " (ص 64) للإمام اللالكائي
([7]) : "تحفة الطالبين في ترجمة الإمام النووي " ( ص 4 )
([8]) : " تاريخ بغداد " ( 13 / 334 ) ، " تهذيب الأسماء واللغات " ( 1 / 795 )